×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الثاني

وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ: «جَاءَ الْفَتْحُ وَنَصْرُ اللهِ، وَجَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا أَهْلُ الْيَمَنِ؟ قَالَ: «قَوْمٌ رقَيْقَةٌ قُلُوبُهُمْ لَيِّنَةٌ قُلُوبُهُمْ، الإِْيمَانُ يَمَانٍ، وَالْفِقْهُ يَمَانٍ» ([1]).

وقد أراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يختبر الصحابة، فكان يجمع أهل بدر وأكابر الصحابة في مجلسه واستشارته، وكان يُدْخِل معهم ابن عباس رضي الله عنهما، وكان شابًّا صغيرًا، فاندهش البعض من وجود عبد الله بن عباس رضي الله عنهما لصغر سنه، فأراد عمر رضي الله عنه أن يبين لهم فضل هذا الغلام الذي أعطاه الله سبحانه وتعالى الفقه في الدين وألهمه التفسير، وأراد أن يبين أنه لم يحابِ ابن عباس في شيء.

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا الفَتَى مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟ فَقَالَ: «إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ»!! قَالَ: فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَدَعَانِي مَعَهُمْ قَالَ: وَمَا رُئِيتُهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إلاَّ لِيُرِيَهُمْ مِنِّي، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي: ﴿إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ ١ وَرَأَيۡتَ ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا [النّصر: 1، 2]، حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ نَدْرِي، أَوْ لَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَكَذَاكَ تَقُولُ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْلَمَهُ اللَّهُ لَهُ: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ فَتْحُ مَكَّةَ، فَذَاكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا. قَالَ عُمَرُ: «مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إلاَّ مَا تَعْلَمُ» ([2]).


الشرح

 ([1])أخرجه: النَّسَائي في «الكبرى» رقم (11648)، وأبو يعلى رقم (2505)، والطبراني في «الكبير» رقم (11903).

 ([2])أخرجه: البخاري رقم (4294).