×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

بقوله: ﴿فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَآءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَآءَ تَأۡوِيلِهِۦۖ [آل عمران: 7].

وقال صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللهُ فَاحْذَرُوهُمْ» ([1])؛ فليتنبه المسلم لهذا الأمر.

وقوله: «وَتَأْوِيلاً لِكِتَابِ اللهِ» يعني: تفسيرًا؛ لأن التأويل عند أهل العلم المتقدمين يطلق، ويُراد به التفسير، أما التأويل عند المتأخرين، فهو صرفٌ له عن ظاهره إلى معنًى آخر لدليل يقترن بذلك المعنى.

وقوله: «فَسُنَّتُهُ هِيَ الَّتِي فَسَّرَتِ الْقُرْآنَ وَبَيَّنَتْهُ، وَدَلَّتْ عَلَى مَعْنَاهُ، وَعَبَّرَتْ عَنْهُ»، فلا غنى عن السُّنة المطهرة؛ لأنها تفسير القرآن، فالذين يلغون السُّنة كالخوارج وغيرهم، ومن يسمون بالقرآنيين الآن هؤلاء أهل ضلال وزيغ، فاحذروهم.

فهذا هو مقام سنة الرسول صلى الله عليه وسلم مع القرآن؛ أنها تفسره وتبينه، وتدل على معناه، وتعبر عنه، وفعله صلى الله عليه وسلم إذا خرج بيانًا وتفسيرًا للقرآن، فإنه يجب اتباعه؛ لأن الأصل في أفعال الرسول أنها تدل على الاستحباب، فإذا فعل شيئًا «امْتِثَالاً لأَِمْرٍ وَبَيَانًا لِمُجْمَلٍ»، يفسر به القرآن، ويبين مجمله، «كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ ذَلِكَ الأَْمْرِ وَذَلِكَ الْمُبَيَّنِ»، فدل على الوجوب لا الاستحباب، «فَتَكُونُ الصَّلاَةُ الَّتِي صَلاَّهَا هِيَ الصَّلاَةَ الَّتِي كَتَبَهَا اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَمَرَهُمْ بِهَا فِي كِتَابِهِ»، فيجب الاقتداء به في كيفية أدائها، ولا يقال: هذه مستحبات فقط! والله جل وعلا يقول: ﴿إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ كَانَتۡ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ كِتَٰبٗا مَّوۡقُوتٗا [النساء: 103] يعني: فرضًا، فالكتاب بمعنى الفرض.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (4547)، ومسلم رقم (2665).