وَعَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَوْشَنٍ، قَالَ: «كُنْتُ مَعَ أَبِي فِي المَسْجِدِ -
يَعْنِي مَسْجِدَ البَصْرَةِ - فَنَظَرَ إِلَى رَجُلٍ قَائِمًا يُصَلِّي قَدْ
صَفَّ بَيْنَ قَدَمَيْهِ، وَأَلْزَقَ إِحْدَاهُمَا بِالأُْخْرَى، فَقَالَ أَبِي:
لَقَدْ أَدْرَكْتُ فِي هَذَا المَسْجِدِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ
رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْهُم صَنَعَ هَكَذَا
قَطُّ» ([1])، رَوَاهُمَا
الخَلاَّلُ.
وَالْمُرَاوَحَةُ
بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّفْنِ، وَهُوَ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى
هَذِهِ تَارَةً، وَعَلَى هَذِهِ تَارَةً أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يَعْتَمِدَ
عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَابْنِ مَنْصُورٍ،
وَقَدْ سُئِلَ يَصْفِنُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ أَوْ يُرَاوِحُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ:
يُرَاوِحُ بَيْنَهُمَا.
وَكَذَلِكَ
نَقَلَ الجَمَاعَةُ قَوْلاً وَفِعْلاً، وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي،
وَالآْمِدِيُّ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِنَا؛ لأَِنَّ هَذَا أَخَفُّ عَلَى
الْمُصَلِّي، وَأَيْسَرُ عَلَيْهِ.
****
الشرح
قوله: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْهُم
صَنَعَ هَكَذَا قَطُّ» يعني: ما رأى أحدًا ممن رآه من أصحاب الرسول صلى الله
عليه وسلم يلصق قدميه إحداهما بالأخرى في الصلاة حال القيام، وإنما كانوا يفرقون
بينهما فرقًا متوسطًا.
وقوله: «وَالْمُرَاوَحَةُ بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّفْنِ» هذه مسألة أخرى، و«وَالْمُرَاوَحَةُ»: أن يعتمد على رجله اليمنى تارة وعلى رجله اليسرى تارة أخرى؛ لأجل أن يرتاح، هذا إذا كان القيام طويلاً
الصفحة 1 / 279