×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

 فَصْلٌ

وَفِي صِفَةِ الاِسْتِعَاذَةِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ:

أَحَدُهَا: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَذَكَرَهُ الآْمِدِيُّ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ؛ لِظَاهِرِ قوله -تعالى-: ﴿فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ٱلرَّجِيمِ [النَّحْل: 98]، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ: ﴿فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ٱلرَّجِيمِ [النَّحْل: 98]، وَقَدْ رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا يَغْضَبُ وَيَحْمَرُّ وَجْهُهُ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ هَذَا: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ»، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

وَلأَِنَّ فِي حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ»، وَكَذَلِكَ رَوَى النَّجَّادُ ثَلاَثَ رِوَايَاتٍ: «أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»، قَالَهُ فِي رِوَايَةٍ جَمَاعَةٌ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَالآْمِدِيُّ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَغَيْرُهُمْ.

وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ التَّابِعِينَ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ ظَاهِرِ قَوْلِهِ: ﴿فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ٱلرَّجِيمِ [النَّحْل: 98] مَعَ قَوْلِهِ فِي الآْيَةِ الأُْخْرَى: ﴿إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ [فُصِّلَتْ: 36] وَهُوَ أَبْلَغُ مَعْنًى؛ لأَِنَّ ذِكْرَ الصِّفَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِحَرْفِ «إِنَّ»


الشرح