أَمَّا إِذَا جَهَرَ
الإِْمَامُ فَالأَْدِلَّةُ عَلَيْهِ كَثِيرَةٌ.
وَأَمَّا
إِذَا خَافَتَ فَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ:
أَحَدُهَا:
مَا رَوَى مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ قَالَ: «سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ
شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ عَنِ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الإِْمَامِ فِي الظُّهْرِ
وَالْعَصْرِ، فَقَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ،
وَرَجُلٌ خَلْفَهُ يَقْرَأُ، وَبِجَنْبِهِ رَجْلٌ فَجَعَلَ يُومِئُ إِلَيْهِ
وَيَنْهَاهُ، حَتَّى عَرَفَ الْمَنْهِيُّ أَنَّهُ يَنْهَاهُ عَنِ الْقِرَاءَةِ،
فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصَّلاَةَ فَقَالَ
الْمَنْهِيُّ: مَا إِقْبَالُكَ عَلَيَّ؟ أَتَنْهَانِي أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ؟
فَقَالَ: أَتَقْرَأُ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِمَامُنَا؟ فَقَالَ
الْمَنْهِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذَا يَنْهَانِي أَنْ أَقْرَأَ خَلْفَكَ،
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ
فَقِرَاءَتُهُ لَهُ قِرَاءَةٌ»، رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَأَحْمَدُ، وَغَيْرُهُمَا،
وَهَذَا حَدِيثٌ مَعْرُوفٌ ثَابِتٌ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، وَقَدْ
أَسْنَدَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ جَابِرٍ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ مُرْسَلٌ؛ لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا:
أَنَّ الَّذِي أَرْسَلَهُ احْتَجَّ بِهِ، فَلَوْلاَ أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَهُ بِهِ
ثِقَةٌ مَا جَازَ الاِحْتِجَاجُ بِهِ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ.
الثَّانِي:
أَنَّهُ قَدْ عَضَّدَهُ أَقْوَالُ الصَّحَابَةِ، كَمَا سَيَأْتِي وَذَلِكَ نَصٌّ
وَحُجَّةٌ عَلَى مَنْ لاَ يَقُولُ بِالدَّلِيلِ الْمُجَرَّدِ.
الثَّالِثُ:
أَنَّهُ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ؛ فَلِيَعْتَضِدَ بِهِ مَا
يُعَضِّدُهُ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ شَهِدَ لَهُ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَالسُّنةِ.
الصفحة 1 / 279