وَمَا اعْتَلَّ بِهِ
بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْخِلاَفِ؛ فَفِيهِ أَجْوِبَةٌ:
أَحَدُهَا:
أَنَّ السُّنةَ إِذَا تَبَيَّنَتْ تَعَيَّنَ اتِّبَاعُهَا، وَلَمْ يَقْدَحْ فِي
حُرْمَتِهَا خَفَاؤُهَا عَلَى بَعْضِ الأَْئِمَّةِ، وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ،
ذَكَرْنَا بَعْضَهَا فِي بَابِ التَّيَمُّمِ.
الثَّانِي:
أَنَّ الْخِلاَفَ هُنَا شَاذٌّ مَسْبُوقٌ بِالإِْجْمَاعِ قَبْلَهُ.
الثَّالِثُ:
أَنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الْخِلاَفِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لاَ سَبِيلَ إِلَيْهِ،
فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ يَنْهَوْنَ عَنِ الْقِرَاءَةِ، وَيَرَوْنَ ذَلِكَ
مِمَّا يَنْتَقِصُ الصَّلاَةَ، فَرِعَايَتُهُمْ فِي الاِخْتِلاَفِ أَوْلَى.
وَأَمَّا
الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فَقَدْ ضَعَّفَهُ الإِْمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ،
وَقَالَ: «لاَ يَصِحُّ عِنْدَنَا»، وَقَدْ وَقَفَهُ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ عَلَى
عُبَادَةَ، وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصِّحَّةِ، وَالإِْسْنَادُ الَّذِي وَقَفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
قَدْ طَعَنَ فِيهِ جَمَاعَةٌ، وَبِالْجُمْلَةِ فَإِسْنَادُهُ لَوْ تَجَرَّدَ عَنْ
مُعَارِضٍ؛ لَكَانَ مُقَاربَ الْحَالِ، لَكِنَّ اخْتِلاَفَ الرُّوَاةِ فِي
الإِْسْنَادِ وَقْفًا وَرَفْعًا، وَمَنْ وَقَفَهُ أَوْثَقُ مِمَّنْ رَفَعَهُ،
وَاخْتِلاَفُهُمْ فِي رِجَالِهِ أَوْجَبُ عِلَّةً فِي الْحَدِيثِ مَعَ مُعَارَضَةِ
الأَْحَادِيثِ الَّتِي هِيَ صَحِيحَةٌ.
وَبِكُلِّ حَالٍ فَمَا صَحَّ فِي هَذَا الْمَعْنَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ عَنْ أَصْحَابِهِ فَمَعْنَاهُ - وَاللهُ أَعْلَمُ: لاَ تَقْرَؤُوا فِي صَلاَةِ الْجَهْرِ إِلاَّ بِأُمِّ الْكِتَابِ فِي حَالِ سَكَتَاتِ الإِْمَامِ، لاَ فِي حَالِ جَهْرِهِ؛ وَذَلِكَ لأَِنَّ
الصفحة 1 / 279