×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

 مَسْأَلَةٌ: ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ، وَلاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا، إِلاَّ الْمَأْمُومُ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الإِْمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقَرَأَ فِي سَكَتَاتِ الإِْمَامِ، وَمَا لاَ يَجْهَرُ فِيهِ، هَذَا الْكَلاَمُ فِيهِ فُصُولٌ:

أَحَدُهَا: فِيقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلاَةِ، أَمَّا قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلاَةِ، فَهَذَا مِنَ الْعِلْمِ الْعَامِّ الْمُتَوَارَثِ بَيْنَ الأُْمَّةِ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ عَنْ نَبِيِّهَا صلى الله عليه وسلم، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ صَلاَةَ الإِْمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ لاَ تَصِحُّ إِلاَّ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، سَوَاءٌ تَرَكَهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، وَعَنْهُ: إِذَا صَلَّى بِآيَةٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَتْهُ، وَقَوْلُهُ: «لاَ صَلاَةَ إِلاَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» عَلَى طَرِيقِ الْفَضْلِ؛ لأَِنَّ الله تعالى قَالَ: ﴿فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ [الْمُزَّمِّل: 20]، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلأَْعْرَابِيِّ الْمُسِيءِ فِي صَلاَتِهِ: «كَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَ ارْكَعْ»، وَلأَِنَّ الْمَفْرُوضَ فِي الصَّلاَةِ هُوَ الْقُرْآنُ بِقوله - تعالى: ﴿وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِۖ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡهُودٗا [الإِْسْرَاء: 78]، سَمَّى الصَّلاَةَ قُرْآنًا، وَإِنَّمَا يُعَبَّرُ عَنِ الشَّيْءِ بِاسْمِ بَعْضِهِ إِذَا كَانَ رُكْنًا فِيهِ، كَمَا سُمِّيَ رُكُوعًا، وَسُجُودًا، وَقِيَامًا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿قُمِ ٱلَّيۡلَ إِلَّا قَلِيلٗا [الْمُزَّمِّل: 2] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿أَوۡ زِدۡ عَلَيۡهِ وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلًا [الْمُزَّمِّل: 4]، وَسَائِرُ السُّورَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّلاَةَ لاَ بُدَّ فِيهَا مِنَ الْقِرَاءَةِ.

وَقَدْ رَوَى أَبُو الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفِي كُلِّ صَلاَةٍ قُرْآنٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَْنْصَارِ: «وَجَبَتْ هَذِهِ»، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ صَلاَتَنَا هَذِهِ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ الآْدَمِيِّينَ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ»، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ.


الشرح