×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

 مَسْأَلَةٌ: ثُمَّ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ.

السُّنةُ: لِكُلِّ مَنْ قَرَأَ فِي الصَّلاَةِ أَوْ خَارِجَ الصَّلاَةِ أَنْ يَسْتَعِيذَ؛ لِقوله - تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ٱلرَّجِيمِ [النَّحْل: 98] يَعْنِي: إِذَا أَرَدْتُ الْقِرَاءَةَ كَقَوْلِهِ: ﴿إِذَا قُمۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ فَٱغۡسِلُواْ [المائدة: 6]، وَقَوْلِهِ: ﴿وَٱلَّذِينَ يُظَٰهِرُونَ مِن نِّسَآئِهِمۡ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ [الْمُجَادَلَة: 3] أَيْ: يُرِيدُونَ الْعَوْدَ.

فَإِنْ قِيلَ: هَذَا أَمْرٌ لِمَنْ كَانَ أَكْبَرُ مَقْصُودِهِ الْقِرَاءَةَ فَقَطْ، وَهُوَ الْقَارِئُ خَارِجَ الصَّلاَةِ، وَالْقَارِئُ لِلْقُرْآنِ فِي صَلاَةِ التَّرَاوِيحِ.

قُلْنَا: الآيَةُ تَعُمُّ الْقِسْمَيْنِ، بَلْ إِذَا اسْتُحِبَّ الاِسْتِعَاذَةُ لِلْقَارِئِ فِي غَيْرِ الصَّلاَةِ، فَهِيَ لِلْقَارِئِ فِي الصَّلاَةِ أَوْكَدُ؛ طَرْدًا لِوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ عَنْهُ، وَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ،

وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ اسْتَفْتَحَ، ثُمَّ يَقُولُ: «أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ».

وَفِي رِوَايَةٍ: «مِنْ هَمْزِهِ، وَنَفْخِهِ، وَنَفْثِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا أَشْهَرُ حَدِيثٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَالَّذِي قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي النَّافِلَةِ؛ فَإِنَّهُ لاَ فَرْقَ فِي الاِسْتِعَاذَةِ بَيْنَ الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَانَ يَبْلُغُنَا أَنَّهُ كَانَ يَسْتَعِيذُ امْتِثَالاً لأَِمْرِ اللهِ -سُبْحَانَهُ- كَمَا لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ نَقْلاً ظَاهِرًا أَنَّهُ كَانَ يَسْتَعِيذُ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ خَارِجَ الصَّلاَةِ، إِلاَّ فِي حَدِيثٍ أَوْ حَدِيثَيْنِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ لاَ مُحَالَةَ لَهُ.


الشرح