وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ
رَاهَوَيْهِ: سَنَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُكَبَّرَ بَعْدَ
فَرَاغِ المُؤَذِّنِ مِنَ الإِْقَامَةِ كُلِّهَا، قَالَ: وَأَخَذَ بِذَلِكَ
بَعْدَهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه، وَقَدْ رَوَى أَبُو مُوسَى عَنِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ
فَلْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ»، «إذَا قَرَأَ الإِْمَامُ فَأَنْصِتُوا» ([1])، رَوَاهُ
أَحْمَدُ.
ثُمَّ
إِذَا كَانَ الإِْمَامُ حَاضِرًا بِحَيْثُ يَرَوْنَهُ؛ قَامُوا عِنْدَ كَلِمَةِ
الإِْقَامَةِ، قَامَ الإِْمَامُ أَوْ لَمْ يَقُمْ، وَإِنْ عَلِمُوا بِقُرْبِهِ
مِنَ الْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَرَوْهُ، فَهَلْ يَقُومُونَ؟ عَلَى
رِوَايَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: يَقُومُونَ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله
عنه قَالَ: «أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ وَعُدِّلَتِ الصُّفُوفُ قِيَامًا قَبْلَ أَنْ
يَخْرُجَ إِلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ إِلَيْنَا فَلَمَّا
قَامَ فِي مُصَلاَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ، فَقَالَ لَنَا: «مَكَانَكُمْ»،
فَمَكَثْنَا عَلَى هَيْئَتِنَا - يَعْنِي قِيَامًا - ثُمَّ رَجَعَ فَاغْتَسَلَ،
ثُمَّ خَرَجَ إِلَيْنَا، فَكَبَّرَ فَصَلَّيْنَا مَعَهُ»، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ([2])، وَلِمُسْلِمٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «إِنْ كَانَتِ الصَّلاَةُ لَتُقَامُ لِرَسُولِ اللهِ
صلى الله عليه وسلم، فَيَأْخُذُ النَّاسُ مَقَامَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَقَامَهُ».
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لاَ يَقُومُونَ حَتَّى يَرَوْهُ؛ لِمَا رَوَى أَبُو قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَلاَ تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي» ([3])، رَوَاهُ الجَمَاعَةُ إِلاَّ ابْنَ مَاجَهْ، بِهَذَا اللَّفْظِ إِلاَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ: «خَرَجْتُ»، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ قَبْلَ ذَلِكَ.
الصفحة 1 / 279