×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

 وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: إِذَا لَمْ تُشْتَرَطِ الْفَاتِحَةُ؛ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِسَبْعِ آيَاتٍ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَتَضَمَّنَ قَدْرَ الْحُرُوفِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَهُوَ مَعَ مُخَالَفَةِ النُّصُوصِ فَاسِدُ الْوَضْعِ؛ لأَِنَّ اعْتِبَارَ سَبْعِ آيَاتٍ عَلَى إِيجَابِ الْفَاتِحَةِ، فَكَيْفَ يُوجَبُ مَعَ الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا؟ وَالصَّحِيحُ الأَْوَّلُ؛ لِمَا رَوَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بَفَاتِحَةِ الْكِتَابِ»، رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

فَإِنْ قِيلَ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْفَضْلِ وَالْكَمَالِ؛ لأَِنَّ حَقِيقَةَ الصَّلاَةِ قَدْ وُجِدَتْ، فَلاَ يُمْكِنُ نَفْيُهَا، فَلاَ بُدَّ مِنْ إِضْمَارِ الإِْجْزَاءِ أَوِ الْكَمَالِ؛ إِذْ لاَ يُمْكِنُ إِضْمَارُهَا؛ لِمَا بَيْنَهَا مِنَ التَّنَافِي، وَلأَِنَّ الْمُقْتَضَيَ لاَ عُمُومَ لَهُ، فَإِنَّ الإِْضْمَارَ أَوْجَبَتْهُ الضَّرُورَةُ، فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى، فَتَقِفُ الدَّلاَلَةُ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْكَمَالِ؛ لأَِنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ، وَلِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الدَّلاَلَةِ.

قُلْنَا: بَلِ الْمَنْفِيُّ حَقِيقَةُ الصَّلاَةِ؛ لأَِنَّ الصَّلاَةَ الْمُطْلَقَةَ فِي لِسَانِ الشَّرْعِ هِيَ: الصَّلاَةُ الْمَشْرُوعَةُ الْمَأْمُورُ بِهَا، وَهَذِهِ لَمْ تُوجَدْ مَعَ عَدَمِ الْفَاتِحَةِ، كَمَا لاَ تُوجَدُ مَعَ عَدَمِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ مِثْلُ هَذَا الْكَلاَمِ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ»، وَأَمَّا الأَْشْيَاءُ الَّتِي تَنَاوَلَ الاِسْمُ الْمُطْلَقُ صَحِيحَهَا دُونَ فَاسِدِهَا فَيَكُنْ رَفْعُ حَقِيقِهَا قَدِ ارْتَفَعَتْ حَقِيقَتُهُ.

وَأَيْضًا: فَلَوْ كَانَتْ حَقِيقَةُ الصَّلاَةِ مَوْجُودَةً؛ لَوَجَبَ حَمْلُ مُطْلَقِ النَّفْيِ عَلَى نَفْيِ الإِْجْزَاءِ وَالصِّحَّةِ؛ لأَِنَّ الشَّيْءَ إِذَا عُدِمَ إِجْزَاؤُهُ


الشرح