فَصْلٌ
وَلاَ
بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَ بَعْضَ السُّورَةِ مِنْ أَوَّلِهَا فِي رَكْعَةٍ، سَوَاءٌ
أَتَمَّهَا فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ غَيْرِهَا؛ فقد
صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَرَأَ الأَْعْرَافَ فِي
رَكْعَتَيِ الْمَغْرِبِ، وَأَنَّهُ قَرَأَ بَعْضَ «الْمُؤْمِنُونَ» فِي
الرَّكْعَةِ الأُْولَى مِنَ الْفَجْرِ.
فَأَمَّا
قِرَاءَةُ أَوَاخِرِ السُّوَرِ وَأَوَاسِطِهَا فِي الْفَرْضِ، فَعَنْهُ يُكْرَهُ
ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ خِلاَفُ الْمَأْثُورِ مِنْ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم وَأَصْحَابِهِ، وَقَدْ قَالَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»،
وَالْغَالِبُ أَنَّ أَوَاخِرَ السُّوَرِ مُرْتَبِطَةٌ بِأَوَائِلِهَا؛ فَأَشْبَهَ
مَنِ ابْتَدَأَ مِنْ أَيِّهَا آيَةٍ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ مِنْ
وَسَطِهَا، لاَ مِنْ آخِرِهَا؛ لِمَا رَوَى الْخَلاَّلُ عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ
كَانَ يَقْرَأُ فِي آخِرِ رَكْعَةٍ مِنَ الْفَجْرِ آخِرَ آلِ عِمْرَانَ، وَآخِرَ
الْفُرْقَانِ.
وَعَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ قَالَ: «كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ الْحَسَنِ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الرَّجُلِ يَقْرَأُ فِي الصَّلاَةِ بِبَعْضِ هَذِهِ السُّورَةِ؟ قَالَ: فَقَالَ الْحَسَنُ: غَزَوْتُ إِلَى خُرَاسَانَ فِي جَيْشٍ فِيهِ ثَلاَثُمِائَةِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَؤُمُّ أَصْحَابَهُ فِي الْفَرِيضَةِ فَيَقْرَأُ بِخَاتِمَةِ الْبَقَرَةِ، وَبِخَاتِمَةِ الْفُرْقَانِ، وَبِخَاتِمَةِ الْحَشْرِ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ لاَ يُنْكِرُ عَلَى بَعْضٍ، بَلْ يَقْرَأُ الرَّجُلُ الآْيَةَ الْوَاحِدَةَ مِنْ حَيْثُ شَاءَ إِذَا كَانَتْ كَبِيرَةً، مِثْل آيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَآيَةِ الدَّيْنِ؛ لأَِنَّ تِلاَوَتَهَا لاَ تُكْرَهُ خَارِجَ الصَّلاَةِ، فَكَذَلِكَ فِي الصَّلاَةِ، وَلأَِنَّهَا لاَ تُكْرَهُ فِي النَّافِلَةِ،
الصفحة 1 / 279