الثَّانِي: أَنَّهُ
يَخْتَارُهُ عَامَّةُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ
التِّرْمِذِيُّ: «عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ» ([1])، وَرَوَى سَعِيدٌ
عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِذَلِكَ،
وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَشْبَهَ النَّاسِ صَلاَةً بِرَسُولِ اللهِ، وَهُوَ
مَشْهُورٌ عَنْ عُمَرَ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي «الصَّحِيحِ» عَنْ عَبْدِ اللهِ
أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَجْهَرُ بِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ
وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ» ([2])؛ لِيُسْمِعَنَا
ذَلِكَ وَيُعَلِّمَنَا، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ اعْتَمَدَ أَحْمَدُ؛ لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا:
أَنَّ عَامَّةَ الاِسْتِفْتَاحَاتِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم إِنَّمَا هِيَ فِي النَّوَافِلِ.
****
الشرح
الوجه الثاني: أن هذا الاستفتاح اختاره عامة أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم. قال الترمذي رحمه الله: «عَلَيْهِ
الْعَمَلُ عِنْدَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ»، فهذا مما يرجحه.
قال: «وَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه » خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِذَلِكَ» أي: بـ «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ»، وهذا - أيضًا - مشهور عن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فمع أن الاستفتاح لا يُجهر به في الصلاة، إلا أن عمر رضي الله عنه جهر به؛ ليعلنه للناس، ويعلمهم إياه.
([1]) قاله الترمذي رقم عقب حديث رقم (242).
الصفحة 1 / 279