وَرَوَى
أَبُو دَاوُدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
لاَ يَعْرِفُ فَصْلَ السُّورَةِ حَتَّى تَنَزَّلَ عَلَيْهِ: ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ
ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ﴾ [الفَاتِحَة: 1] »، وَفِي كِتَابَةِ الصَّحَابَةِ لَهَا
فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ دُونَ أَوَّلِ بَرَاءَة، وَكِتَابَتِهَا سَطْرًا
مَفْصُولاً عَمَّا قَبْلَهَا دَلاَلَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى ذَلِكَ.
هَذِهِ
حَقِيقَةُ الْمَذْهَبِ، وَمَنْ تَأَمَّلَهُ عَلِمَ الطَّرِيقَةَ الْمُثْلَى فِيمَا
اضْطَرَبَ النَّاسُ فِيهِ فِي شَأْنِ الْبَسْمَلَةِ.
وَطَائِفَةٌ
مِنْ أَصْحَابِنَا يَحْكُونَ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهَا بَعْضُ آيَةٍ، وَأَنَّهَا
لَيْسَتْ مِنَ الْقُرْآنِ إِلاَّ فِي سُورَةِ النَّمْلِ، وَرُبَّمَا اعْتَقَدَ
كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ؛ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّا إِذَا
قُلْنَا: لَيْسَتْ مِنَ السُّورَةِ؛ فقد قُلْنَا: لَيْسَتْ مِنَ الْقُرْآنِ،
وَهَذَا غَلَطٌ عَلَى الْمَذْهَبِ تَوَهَّمُوهُ عَنْ مَذْهَبِ غَيْرِنَا، وَاللهُ
أَعْلَمُ.
****
الشرح
قوله: «وَلأَِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنَ
الْفَاتِحَةِ؛ لَكَانَتِ السُّنةُ الْجَهَرَ بِهَا»، ولم يجهر بها الرسول صلى
الله عليه وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان رضي الله عنهم - كما ثبت ذلك
فيما سبق - فدل على أنها ليست من الفاتحة.
فالصحيح: أن «بسم الله الرحمن الرحيم»
ليست آية في سورة من سور القرآن إلا في سورة النمل، وإنما هي آية مستقلة على رأس
كل سورة، ومن ذلك الفاتحة، وقد جيء بها لغيرها، وهو: افتتاح السور.
قوله: «وَلأَِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ؛ لَكَانَتْ مِنْ أَوَّلِ سَائِرِ السُّوَرِ»، هذا وجه: أنها لو كانت من الفاتحة، لكانت من بقية السور،
الصفحة 1 / 279