×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

 وَهَلْ قِرَاءَتُهَا وَاجِبَةٌ أَوْ سُنَّةٌ؟ يَأْتِي - إِنْ شَاءَ اللهُ - تَوْجِيهُهَا.

وَالسُّنةُ: الإِْسْرَارُ بِهَا، هَذَا مَذْهَبُهُ الَّذِي لَمْ تَخْتَلِفْ فِيهِ نُصُوصُهُ، وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَصْحَابِهِ، وَالْجَهْرُ بِهَا مَكْرُوهٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ مَذْهَبِهِ إِلَى اسْتِحْبَابِ الْجَهْرِ بِهَا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَنْدَهْ، وَرُبَّمَا حَكَى بَعْضُ النَّاسِ هَذَا رِوَايَةً عَنْهُ، وَهُوَ غَلَطٌ، وَإِنَّمَا مَذْهَبُهُ الإِْسْرَارُ؛ لِمَا رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ فَكَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاَةَ بِـ ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [الفاتحة: 2]، وَفِي لَفْظٍ: «يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ»، رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ، وَفِي لَفْظٍ: «كَانُوا لاَ يَذْكُرُونَ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ، فِي أَوَّلِ قِرَاءَةٍ وَلاَ فِي آخِرِهَا»، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ، وَفِي لَفْظٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ: «فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَقْرَأُ ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ شَرْط الصَّحِيحِ، وَلَفْظُهُ: «كَانُوا لاَ يَجْهَرُونَ بِـ ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ، وَفِي لَفْظٍ لاِبْنِ شَاهِين: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يُخْفُونَ ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ»، وَفِي لَفْظٍ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُسِرُّ ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ».

فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُهُ: «بِـ ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [الفاتحة: 2] أَرَادَ بِهِ السُّورَةَ، يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ قَبْلَ السُّورَةِ، وَالرِّوَايَاتُ الصَّرِيحَةُ لَعَلَّهَا مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ، رَوَاهَا بِمَا فَهِمَهُ مِنَ الْمَعْنَى، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ قَالَ:


الشرح