وَمَنْ رَجَّحَ الأُولَى
قَالَ: إِنَّ رَاوِيَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ أَكْثَرُ وَأَفْضَلُ لَدَى اللهِ،
وَمَكَانَهُم مِنَ الرَّسُولِ أَقْرَبُ، وَهُمْ لَهُ أَلْزَمُ؛ فَيَكُونُونَ
أَحْفَظَ وَأَضْبَطَ، وَيَكُونُ مَا نَقَلُوهُ هُوَ الغَالِبَ مِنَ صَلاَةِ رَسُولِ
اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَوَائِلُ بْنُ حُجْرٍ وَمَالِكُ بْنُ الحُوَيْرِثِ
وَفَدَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وِفَادَةً، ثُمَّ رَجَعَا إِلَى
قَوْمِهِمَا، وَأَيْضًا فَإِنَّ الإِْسْنَادَ إِلَى الصَّحَابَةِ بِالمَنْكِبَيْنِ
أَثْبَتُ، اتَّفَقَ عَلَيْهِ صَاحِبَا الصَّحِيحِ، وَإِسْنَادُ الرَّفْعِ إِلَى
الأُْذُنَيْنِ إِنَّمَا خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ، قَالُوا: وَتُحْمَلُ رِوَايَتُهُمْ
عَلَى رِوَايَةِ الْمَنْكِبَيْنِ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: حَتَّى يُحَاذِيَ
بِهِمَا أُذُنَيْهِ، يَعْنِي: يُقَارِبَ مُحَاذَاةَ الأُْذُنَيْنِ، أَوْ يَعْنِي
رُؤُوسَ الأَصَابِعِ هِيَ الَّتِي حَاذَتْ، وَيُؤَيِّدَ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدِ
اخْتُلِفَ عَنْهُمْ، فَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ
الحُوَيْرِثِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ
حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ» ([1]) إِلاَّ أَنَّ
هَذَا خِلاَفُ الْمَحْفُوظِ فِي حَدِيثِهِ، لَكِنْ قَدْ رُوِيَ فِي لَفْظٍ
بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ: «حَتَّى يَجْعَلَهَا قَرِيبًا مِنْ أُذُنَيْهِ» ([2]).
****
الشرح
الذين رجحوا أن رفع اليدين يكون إلى حذو المنكبين أجابوا بأن رواته من الصحابة أكثر وأفضل، وكانوا ملازمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم في غالب أحيانه، أما أصحاب الروايات الأخرى - كوائل بن حجر الكندي أحد ملوك كندة في حضرموت، ومالك بن الحويرث رضي الله عنها، فهؤلاء وفدوا على الرسول صلى الله عليه وسلم، وتعلموا منه، ثم عادوا إلى قومهم،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (735)، ومسلم رقم (390).
الصفحة 1 / 279