فَصْلٌ
وَهَلْ
تَجِبُ قِرَاءَتُهَا فِي الصَّلاَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ مَنْصُوصَتَيْنِ:
إِحْدَاهُمَا:
يَجِبُ؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَإِنْ لَمْ يَجْعَلِ
الْبَسْمَلَةَ أَنَّهُ كَانَ رَأْسُ الآْيَةِ﴿صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ
أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ﴾ [الفَاتِحَة:
7]، وَلَيْسَ نِسْبَةً لِرُؤُوسِ الآْيِ؛ لأَِنَّ مَا قَبْلَ الْحَرْفِ الآْخِرِ
يَكُونُ حَرْفَ لِينٍ، كَمَا فِي سَائِرِ الآْيِ.
وَأَيْضًا:
فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا:
«إِذَا قَرَأْتُمُ «الْحَمْد» فَاقْرَؤُوا ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ
ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ﴾ [الفَاتِحَة: 1] إِنَّهَا أُمُّ الْقُرْآنِ، وَأُمُّ
الْكِتَابِ، وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي، و ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ
ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ﴾ إِحْدَى آيَاتِهَا»، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ
صلى الله عليه وسلم وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، مِنْ عِدَّةِ وُجُوهٍ رَوَاهَا
الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لأَِنَّهَا مَكْتُوبَةٌ فِي أَوَّلِهَا فِي
الْمُصْحَفِ؛ فَوَجَبَتْ أَنْ تُتْلَى حَيْثُ كُتِبَتْ كَسَائِرِ آيَاتِهَا.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لاَ تَجِبُ قِرَاءَتُهَا، لَكِنْ يُكْرَهُ تَرْكُ قِرَاءَتِهَا كَالاِسْتِعَاذَةِ وَأَوْلَى؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْفَاتِحَةِ، وَالْمَفْرُوضُ أَنَّمَا هُوَ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: هِيَ وَإِنْ جُعِلَتْ مِنَ الْفَاتِحَةِ بِاعْتِبَارٍ، فَلَيْسَتْ مِنَ الْقِرَاءَةِ الْمَفْرُوضَةِ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ عِنْدَ عَامَّةِ الأَْصْحَابِ، وَهِيَ الْغَالِبُ عَلَى كَلاَمِ أَحْمَدَ؛ وَذَلِكَ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ
الصفحة 1 / 279