×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

 فَصْلٌ

وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَقْرَأَ فِي صَلاَةِ السِّرِّ، فَإِنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ لَمْ يُكْرَهْ لَهُ ذَلِكَ.

فَأَمَّا فِي صَلاَةِ الْجَهْرِ: فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي سَكَتَاتِ الإِْمَامِ بِالْفَاتِحَةِ قَرَأَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلإِْمَامِ سَكَتَاتٌ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنَ الْقِرَاءَةِ؛ كَرِهَ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ، هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ فِي عَامَّةِ رِوَايَاتِهِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ، وَصَرَّحَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي هَذِهِ الْحَالِ لاَ تَجُوزُ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلاَمِ أَحْمَدَ، وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ يُكْرَهُ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، كَالْكَلاَمِ وَالإِْمَامُ يَخْطُبُ وَأَوْلَى.

وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَحَبَّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ بِالْفَاتِحَةِ بِكُلِّ حَالٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلاَّ فِي حَالِ جَهْرِ الإِْمَامِ؛ لأَِنَّ الصَّلاَةَ بِدُونِ ذَلِكَ مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهَا، فَفِي الْقِرَاءَةِ خُرُوجٌ مِنَ الْخِلاَفِ، وَلِمَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ، فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «إِنِّي أَرَاكُمْ تَقْرَؤُونَ وَرَاءَ إِمَامِكُمْ!». قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِي وَاللهِ، قَالَ: «لاَ تَفْعَلُوا، إِلاَّ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ»، وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِمِ بْنِ حِبَّانَ فِي «صَحِيحِهِ».


الشرح