×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

 وَيُكْرَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى شَيْءٍ يُلْهِيهِ، كَائِنًا مَنْ كَانَ.

وَيُكْرَهُ أَنْ يُغْمِضَ بَصَرَهُ؛ لأَِنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْيَهُودِ.

وَلاَ يُكْرَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى أَمَامِهِ؛ لأَِنَّ الأَْفْضَلَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الآْمِدِيُّ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْظُرَ فِي حَالِ قِيَامِهِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ، وَفِي حَالِ رُكُوعِهِ إِلَى قَدَمَيْهِ، وَفِي حَالِ سُجُودِهِ إِلَى أَنْفِهِ، وَفِي حَالِ جُلُوسِهِ إِلَى مَوْضِعِ يَدَيْهِ؛ لأَِنَّهُ أَجْمَعُ لِهِمَّتِهِ، وَأَبْعَدُ لِفِكْرَتِهِ؛ لِقَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ: ﴿قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ١ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ ٢ [المؤمنون: 1، 2].

وَخُشُوعُ الْبَصَرِ: ذُلُّهُ وَاخْتِفَاضُهُ، كَمَا قَالَ: ﴿أَبۡصَٰرُهَا خَٰشِعَةٞ [النازعات: 9]، وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «كَانَ خَافِضَ الطَّرْفِ، وَنَظَرُهُ إِلَى الأَْرْضِ أَكْثَرُ مِنْ نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ» ([1])، قَالَ مُجَاهِدُ: «الْخُشُوعُ: غَضُّ الْبَصَرِ، وَخَفْضُ الْجَنَاحِ، كَانَ الرَّجُلُ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ هَابَ الرَّحْمَنَ أَنْ يَشُدَّ بَصَرَهُ إِلَى شَيْءٍ، أَوْ يُحَدِّثَ نَفْسَه بِشَيْءٍ مِنْ شَأْنِ الدُّنْيَا» ([2])، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ، وَرَوَاهُ الإِْمَامُ أَحْمَدُ، وَسَعِيدٌ، وَغَيْرُهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُقَلِّبُ بَصَرَهُ فِي السَّمَاءِ، فَنَزَلَتْ: ﴿ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ [المؤمنون: 2]؛ فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ. قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: «فَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يُجَاوِزَ بَصَرَهُ مُصَلاَّهُ» ([3]).


الشرح

([1])  أخرجه: الطبراني في الكبير رقم (414)، والآجري في الشريعة رقم (1022).

([2])  أخرجه: ابن جرير الطبري في تفسيره (5/ 234).

([3])  أخرجه: سعيد بن منصور في سننه رقم (1507)، والبيهقي في الصغرى رقم (841).