وَصِحَّتُهُ كَانَ
كَالْمَعْدُومِ فِي الْمَعْنَى، فَيَحْسُنُ إِطْلاَقُ النَّفْيِ عَلَيْهِ؛
وَيَكُونُ أَوْلَى بِالنَّفْيِ مِنَ الشَّيْءِ الَّذِي هُوَ صَحِيحٌ مُجْزِئٌ.
وَأَيْضًا:
فَإِنَّ نَفْيَ الشَّيْءِ بِاعْتِبَارِ انْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ وَجَدْوَاهُ
طَرِيقَةُ مَعْرِفَتِهِ فِي الْكَلاَمِ، بَلْ قَدْ صَارَتْ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً،
فَيَجِبُ حَمْلُ الْكَلاَمِ عَلَيْهَا، وَيَحْتَاجُ حَمْلُهُ عَلَى انْتِفَاءِ
كَمَالٍ وَفَضِيلَةٍ إِلَى دَلِيلٍ، وَفِي هَذَا جَوَابٌ عَمَّا قَالُوهُ، وَهَذَا
إِنَّمَا قُلْنَاهُ؛ تَأْسِيسًا لِغَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَإِلاَّ فَقَدْ
رُوِيَ الْحَدِيثُ بِلَفْظٍ مَاضٍ: «لاَ تُجْزِي صَلاَةٌ لاَ يُقْرَأُ فِيهَا
بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ»، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ: «إِسْنَادُهُ
صَحِيحٌ».
وَعَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: «أَمَرَهُ
أَنْ يَخْرُجَ فَيُنَادِيَ: أَنْ لاَ صَلاَةَ إِلاَّ بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ
الْكِتَابِ فَمَا زَادَ»، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ.
وَعَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى
صَلاَةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ، فَهِيَ خِدَاجٌ
غَيْرُ تَمَامٍ»، رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلاَّ الْبُخَارِيَّ، وَالْخِدَاجُ:
النُّقْصَانُ فِي ذَاتِ الشَّيْءِ.
فَعُلِمَ أَنَّ الصَّلاَةَ نَاقِصَةٌ فِي أَرْكَانِهَا؛ لأَِنَّهُمْ يَقُولُونَ: خَدَجَتِ النَّاقَةُ: إِذَا وَلَدَتْ قَبْلَ أَيَّامِهَا، وَأَخْدَجَتْ: إِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا نَاقِصَ الْخِلْقَةِ، وَإِنْ تَمَّتْ أَيَّامُهُ، وَرُبَّمَا اجْتَمَعَا، وَلَمْ يُرِدِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَقْصَ الأَْيَّامِ فَقَطْ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ لاَ نَقْصَ فِيهِ حَتَّى تُشَبَّهَ بِهِ الصَّلاَةُ، فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ الَّذِي نَقَصَ خَلْقُهُ، وَقَدْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: «غَيْرُ تَمَامٍ».
****