وَهَذَا
يَعُمُّ جَمِيعَ الْقُرْآنِ، وَكُلُّهُ كَلاَمُ اللهِ؛ فَاسْتَوَى فِي انْعِقَادِ
الصَّلاَةِ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْهُ، كَمَا اسْتَوَى فِي جِهَةِ تِلاَوَتِهِ،
وَصِحَّةِ الْخُطْبَةِ بِهِ، وَإِنَّمَا اعْتُبِرَتِ الآْيَةُ كَمَا
اعْتَبَرْنَاهَا فِي الْخُطْبَةِ.
****
الشرح
انتهينا من البسملة وما فيها من الكلام المفصل الجميل، وننتقل إلى قراءة
الفاتحة، وحكمها في الصلاة.
قوله: «أَمَّا قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ
فِي الصَّلاَةِ، فَهَذَا مِنَ الْعِلْمِ الْعَامِّ الْمُتَوَارَثِ بَيْنَ
الأُْمَّةِ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ عَنْ نَبِيِّهَا صلى الله عليه وسلم »، فلا بد
من قراءة الفاتحة في الصلاة، وهل قراءتها واجبة على كل مصلٍّ، أو للإمام والمنفرد
دون المأموم؟ هذا محل الكلام الآن.
قال: «وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ
صَلاَةَ الإِْمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ لاَ تَصِحُّ إِلاَّ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ»؛
لأنها ركنٌ من أركان الصلاة، وإنما الخلاف في المأموم.
قال: «وَعَنْهُ» أي: في رواية عن
الإمام أحمد، وهو قول -أيضًا- لبعض الحنفية «إذَا
صَلَّى بِآيَةٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَتْهُ»؛ لقوله -تعالى-: ﴿فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ
مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ﴾ [الْمُزَّمِّل: 20]، وقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: «ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَ ارْكَعْ»،
قالوا: ليس شرطًا أن يقرأ الفاتحة، وإنما يكفي أن يقرأ آية من القرآن في الصلاة،
لكن الجمهور على وجوب قراءة الفاتحة؛ لأنها ركن في الصلاة.
قال: «وقوله «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بَفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» عَلَى طَرِيقِ الْفَضْلِ» يعني: بيان للفضل لا للوجوب، لكن لا بد من قراءة شيء من القرآن، وهذا قول ضعيف في المذهب.