وقوله: «وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿قُمِ ٱلَّيۡلَ إِلَّا
قَلِيلٗا﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿وَرَتِّلِ
ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلًا﴾ [الْمُزَّمِّل: 2-
4] السُّورَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّلاَةَ لاَ بُدَّ فِيهَا مِنَ الْقِرَاءَةِ»، وهذا بالإجماع،
لكن الجمهور على أن القراءة لا تجزئ إلا بفاتحة الكتاب، خلافًا لمن يقول: إنه يكفي
أن يقرأ شيئًا من القرآن، ولو لم يكن الفاتحة، ولكنه قول ضعيف - كما سبق.
وقوله: «أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ،
أَفِي كُلِّ صَلاَةٍ قُرْآنٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ»»، هذا إيجاب لقراءة شيء من
القرآن في الصلاة، وأنها لا تصح إذا لم يقرأ فيها قرآنًا.
وقوله: «إِنَّ صَلاَتَنَا هَذِهِ لاَ يَصْلُحُ
فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ الآْدَمِيِّينَ»؛ فقد جاء في «الصحيحين» من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أنه قال: «كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل صاحبه وهو
إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت ﴿وَقُومُواْ
لِلَّهِ قَٰنِتِينَ﴾ [البقرة: 238]،
فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام» ([1]).
ثم دخل معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه في الصلاة بعد ذلك، وهو لا يدري بهذا النهي، قال: «بيْنَا أنَا أُصَلِّي مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ؛ إذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَقُلتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَرَمَانِي القَوْمُ بأَبْصَارِهِمْ، فَقُلتُ: واثُكْلَ أُمِّيَاهْ، ما شَأْنُكُمْ؟ تَنْظُرُونَ إلَيَّ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بأَيْدِيهِمْ علَى أفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَبِأَبِي هو وأُمِّي، ما رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ ولاَ بَعْدَهُ أحْسَنَ تَعْلِيمًا منه، فَوَاللَّهِ، ما كَهَرَنِي ولاَ ضَرَبَنِي ولاَ شَتَمَنِي،
([1]) أخرجه: مسلم رقم (539).