ويعرفون الفرائض، ثم أمرهم
بالذهاب إلى قومهم، فقال: «ارْجِعُوا
إِلَى أَهْلِيكُمْ، فَأَقِيمُوا فِيهِمْ، وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ، وَصَلُّوا
كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ
أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» ([1]). فدل على وجوب أداء
الصلاة على الصفة التي فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذا ليس خاصًّا بمالك بن الحويرث وجماعته، وإنما هو أمرٌ لجميع الأمة، يجب
عليها أن تصلي كما صلى الرسول صلى الله عليه وسلم، لا كما يصلي فلان وفلان.
والرسول صلى الله عليه وسلم كان في بداية الأمر يخطب مستندًا إلى جدار، ثم
عُمل له منبر من الخشب، صنعه له نجار في المدينة، فجعل يخطب عليه صلى الله عليه
وسلم ([2]).
وفي ذات يوم حضرت الصلاة، وصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر، واستقبل
القبلة وكبَّر، وبدأ في الصلاة، والصحابة يصلون خلفه، وركع وهو على المنبر، ثم لما
جاء السجود، تأخر القهقرى، ونزل حتى سجد على الأرض، ثم صعد، وفعل في الركعة
الثانية مثل ما فعل في الركعة الأولى، إلى أن أكمل الصلاة.
ثم بين لهم أنه فعل ذلك لأجل أن يتعلموا منه الصلاة، ويقتدوا به؛ لأنه إذا صعد على المنبر، رآه الصحابة أكثر مما لو كان على الأرض، فهذا من تمام البيان منه صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال لهم: «إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي، وَلِتَعَلَّمُوا صَلاَتِي».
([1]) أخرجه: البخاري رقم (631)، ومسلم رقم (674).