×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

 فَصْلٌ

وَأَمَّا أَنَّ الإِْمَامَ يَجْهَرُ بِتَكْبِيرِ الافْتِتَاحِ وَسَائِرِ التَّكْبِيرِ وَبِالتَّسْمِيعِ وَبِالسَّلاَمِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، كَمَا يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلاَةِ الْجَهْرِ؛ فَلِيَسْمَعَهُ الْمَأْمُومُونَ، فَيُكَبِّرُونَ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ، وَيَحْمَدُونَ بَعْدَ تَسْمِيعِهِ، وَيُسَلِّمُونَ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ، وَلِيَبْلُغَ صَوْتُهُ لِمَنْ لاَ يَرَاهُ مِنَ الْمَأْمُومِينَ؛ فَيَعْلَمُونَ بِانْتِقَالاَتِهِ فَيُتَابِعُونَهُ، وَلِهَذَا أَخْبَرَ الَّذِينَ وَصَفُوا صَلاَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ وَيُسَمِّعُ وَيُسَلِّمُ، وَلَوْلاَ أَنَّهُمْ سَمِعُوا ذَلِكَ لَمَا عَلِمُوا.

أَلاَ تَرَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا عَلِمُوا قِرَاءَتَهُ فِي السِّرِّ بِتَحْرِيكِ لِحْيَتِهِ صلى الله عليه وسلم ؟ ([1]) وَقَدْ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، «أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ» ([2])، وَلَمْ يَسْمَعْ دُعَاءَ الاِفْتِتَاحِ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي أَنَّهُ كَانَ يَجْهَرُ بِالتَّكْبِيرِ وَبِالْقِرَاءَةِ، وَيُسِرُّ دُعَاءَ الاِفْتِتَاحِ.

وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ؛ فَرَوَى سَعِيدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: «صَلَّى بِنَا أَبُو سَعِيدٍ، فَجَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ حِينَ افْتَتَحَ، وَحِينَ رَكَعَ، وَبَعْدَ أَنْ قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَحِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ، وَحِينَ سَجَدَ، وَحِينَ رَفَعَ، وَحِينَ قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ، حَتَّى قَضَى صَلاَتَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قِيلَ لَهُ: قَدِ اخْتَلَفَتِ النَّاسُ عَلَى صَلاَتِكَ،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (761).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (785)، ومسلم رقم (392).