×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

ومهما كثروا، كما كان صلى الله عليه وسلم يجهر بالتكبير والتسميع والتسليم؛ لأجل أن يتابعه من خلفه، ولولا أنه جهر بذلك وسمعوه منه لَما علموا بصلاته؛ لكثرتهم وبعدهم عن الإمام.

حتى إن الصحابة رضي الله عنهم لَما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر القراءة في صلاة النهار علموا أنه يقرأ من اضطراب لحيته، وهذا يدل على حرصهم على الاقتداء به والرواية عنه.

ولما رأى أبو هريرة رضي الله عنه سكوت النبي صلى الله عليه وسلم بين تكبيرة الإحرام والقراءة، قال: «يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ»؛ سأله عما يقول في هذه الفترة، فبين له الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يقول: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ»، أي: دعاء الاستفتاح المعروف، وهذا يدل على أن دعاء الاستفتاح يكون سرًّا من الإمام ومن المأمومين في الليل والنهار.

وصلى أبو سعيد الخدري صلى الله عليه وسلم بالناس، وأسمعهم التكبير والتحميد والتسليم، وكان الأمراء إذا صلوا بالناس يسرون هذه الأمور ولا يجهرون بها، فأراد أبو سعيد أن يبين السنة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته؛ ولهذا قالوا: «قَدِ اخْتَلَفَتِ النَّاسُ عَلَى صَلاَتِكَ»، يعني الناس يسرون، وأنت تجهر بالتكبير، فأخبرهم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي هكذا، وأن هؤلاء الأمراء خالفوا السنة.

وهذا يدل على وجوب تبليغ السنة إذا خفيت على الناس أو تركوها، وأن المسلم إذا كان عالمًا علمًا يقينًا بالخطإ، فإنه لا يسكت عليه، وإنما يبينه.


الشرح