وقوله: «وَأَفْضَلُ الذِّكْرِ: الخَفِيُّ»، وقد
روي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ» ([1])، كأنك تخفي ذكرًا
عن الناس، ولا تجهر به؛ لتكون أبعد عن الرياء وأقرب إلى الإخلاص، قال - تعالى: ﴿وَٱذۡكُر رَّبَّكَ فِي
نَفۡسِكَ تَضَرُّعٗا وَخِيفَةٗ وَدُونَ ٱلۡجَهۡرِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ﴾ [الأعراف: 205].
وقوله: «بَلْ يُكْرَهُ لَهُ الْجَهْرُ بِذَلِكَ،
كَمَا يُكْرَهُ لَهُ الْجَهْرُ بِالقِرَاءَةِ»؛ لأن هذا يشعر بالرياء، ويؤذي
الآخرين، فيكره له الجهر بالذكر كما يكره له الجهر بقراءة الفاتحة والسورة بعدها
في صلاة النهار، وكذلك يكره للمأموم الجهر بقراءة الفاتحة خلف الإمام والإمام
يجهر؛ لأنه يُغلط من بجانبه ويشوش عليهم.
وقوله: «إِلاَّ أَنْ يَجْهَرَ بِالْكَلِمَاتِ
أَحْيَانًا»؛ فقد يجهر ببعض الكلمات أو ببعض آية أحيانًا، ولا بأس بذلك؛ لأنه
لا يؤثر على أحد، وكان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك أحيانًا، كما في حديث أبي
قتادة رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين من الظهر
والعصر بفاتحة الكتاب، وسورةٍ سورةٍ، ويسمعنا الآية أحيانًا ([2]). «كَمَا جَهَرَ المُسْتَفْتِحُ بِقَوْلِهِ:
«اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا»، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم، «وَكَمَا جَهَرَ العَاطِسُ بِقَوْلِهِ:
«رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ»، فالإنسان إذا عطس في الصلاة، يستحب له أن يحمد
الله، لكنه لا يجهر بذلك، ولا بأس إن جهر به أحيانًا؛ لفعل هذا الصحابي وإقرار
النبي صلى الله عليه وسلم له.
وهذه المجملات التي ذكرها الشيخ رحمه الله سيفصلها في مواطنها من هذا الكتاب.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (1477)، وابن حبان رقم (809)، والبيهقي في شعب الإيمان رقم (551).
الصفحة 4 / 279