×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

 فيستحب أن يجهر بعض المأمومين بالتكبير والتحميد والتسليم قدر ما يسمعه سائرهم؛ لما روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: «اشتكي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر يسمع الناس تكبيره» ([1]). وفي لفظ: «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر خلفه، فإذا كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، كبر أبو بكر فيسمعنا» ([2]). رواهما مسلم والنسائي.

قوله: «وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ المُؤَذِّنِ وَغَيْرِهِ»، فالمؤذن يسر مثل ما يسر بقية المأمومين، «وَبَيْنَ مَنْ يَقْصِدُ مِنَ المَأْمُومِينَ تَبْلِيغَ غَيْرِهِ بِصَوْتِهِ أَوْ لاَ يَقْصِدُ، فَإِنَّ التَّبْلِيغَ عَلَى الإِمَامِ» المأمومون ليس عليهم تبليغ، إنما يكون التبليغ بصوت الإمام، وإذا احتاج الإمام إلى من يبلغ عنه، فإنه يجعل من يبلغ عنه، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما صلى بهم وهو مريض، صار أبو بكر يقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم، ويبلغ الناس تكبيره، فدل على جواز اتخاذ المبلغ عند الحاجة.

واليوم - والحمد لله - تتوفر مكبرات الصوت، فلا حاجة إلى وجود المبلغ؛ حيث يذهب صوت الإمام مع مكبر الصوت إلى آفاق بعيدة ويبلغ المأمومين، أما إذا لم يكن هناك مكبر صوت والناس لا يسمعون، فلا بأس أن يتخذ مبلغًا.

وقوله: «وَالأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ هُوَ الَّذِي يُبَلِّغُ المَأْمُومِينَ التَّكْبِيرَ» فقد كان صلى الله عليه وسلم يجهر بصوته ويبلغهم التكبير، إلا في حالة مرضه، فدل على أن الإمام هو الذي يبلغ، ولا يتخذ مبلغًا إلا عند الحاجة، والصحابة ذكروا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالتكبير، ولو كان يتخذ مبلغًا لنُقل هذا، ولم ينقل إلا في حال مرضه فقط.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (413).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (413).