وذلك لما اشتد على النبي صلى الله عليه وسلم المرض الذي توفي فيه، استخلف
أبا بكر رضي الله عنه على الصلاة، وقال: «مُرُوا
أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ»، فخرج أبو بكر فصلى بالناس، فوجد النبي
صلى الله عليه وسلم في نفسه خفة من المرض، فخرج والناس يصلون خلف أبي بكر، فأراد
أبو بكر أن يتأخر، فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن مكانك، ثم أتي به حتى
جلس إلى جنبه ([1])، وصار أبو بكر عن
يمين النبي صلى الله عليه وسلم يقتدي بصلاة النبي وبتكبيره، والناس يقتدون بتكبير
أبي بكر، فكان أبو بكر مبلغًا، فدل هذا على جواز اتخاذ مبلغ عند الحاجة.
وقوله: «فَإِذَا كَانَ صَوْتُ الإِمَامِ لاَ يَبْلُغُ جَمِيعَ المُصَلِّينَ؛ إِمَّا لِضَعْفِهِ عَنِ الجَهْرِ المُبَالَغِ بِمَرَضٍ أَوْ كِبَرٍ، أَوْ لِكَثْرَةِ الجَمْعِ وَتَبَاعُدِ أَقْطَارِ المُصَلِّينَ» هذا مسوغ اتخاذ الإمام من يبلغ: إذا صار صوته لا يبلغ المأمومين لكثرتهم؛ أو لضعف الإمام ومرضه، فلو عرض عارض وكثرت جموع المصلين، ولم يسمع المأمومون صوت الإمام، فلا بأس أن يرفع أحد المأمومين صوته بالتكبير والانتقالات، وإن لم يعهد إليه الإمام؛ لأن هذه حالة طارئة وحاجة عارضة، أما المبلغ المستمر فلا بد أن يختاره الإمام.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (664)، ومسلم رقم (418).
الصفحة 3 / 279