قال: «وَرُوِيَ أَنَّ بِلاَلاً كَانَ
يُسَوِّي الصُّفُوفَ، وَيَضْرِبُ عَرَاقِيبَهُمْ بِالدِّرَّةِ حَتَّى يَسْتَوُوا»،
وهذا بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن بلالاً رضي الله عنه كان مؤذنًا للرسول
صلى الله عليه وسلم، فكأنه وكله بأن يعدل الصفوف، وأن يضرب المخالف، والدرة: عصا
صغيرة.
وبلال رضي الله عنه لم يؤذن لأحد بعد رسول الله رضي الله عنه إلا مرة
واحدة، إنما كان يؤذن على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعد وفاة الرسول صلى
الله عليه وسلم استأذن أبا بكر رضي الله عنه أن يذهب إلى الشام للجهاد في سبيل
الله، والمرابطة في سبيل الله، «فأراد أبو
بكر منعه وحبسه، فقال: إن كنت أعتقتني لله فلا تحبسني عن الجهاد، وإن كنت أعتقتني
لنفسك أقمتُ، فخلى سبيله، وكان بالشام حتى قدم عليهم عمر بن الخطاب الجابية، فسأل
المسلمون عمر بن الخطاب أن يسأل لهم بلالاً يؤذن لهم، فسأله، فأذن لهم يَوْمًا،
قالوا: فلم يُرَ يَوْمًا كان أكثر باكيًا منهم يومئذ حين سمعوا صوته؛ ذكرًا منهم
لرسول الله صلى الله عليه وسلم » ([1])، كما يروى أنه جاء
إلى المدينة يَوْمًا قادمًا من الشام، فطلبوا منه أن يؤذن، وتذكروا بذلك حياة
الرسول صلى الله عليه وسلم.
***
([1]) أخرجه: البيهقي في الكبرى رقم (1974).
الصفحة 3 / 279