×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

وقوله: «وَأَمَرَ أَبَا عَبْدِ اللهِ»؛ لأن كلمات الإمام أحمد في هذه الرسالة يخاطب فيها عباد الله، فيقول: "يا عبد الله، افعل كذا، يا عبد الله، لا تفعل كذا"، يعني: ينصح عباد الله، ولا يوجه كلامه إلى أحد معين.

وقوله: «أَمَرَهُمْ أَنْ يَدْنُوَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ حَتَّى تَمَاسَّ مَنَاكِبُهُمْ»، ولا يكون بينهم خلل وفرج، فضابط تعديل الصف أن تحاذى المناكب والأكعب، فإن اختلت الأكعب والمناكب، كان الصف معوجًّا، ويؤدي إلى نقص في الصلاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ تَمَامِ الصَّلاَةِ» ([1])، فدل على أن اعوجاج الصفوف نقصٌ في الصلاة.

وقوله: «وَأَنَّ الْفُرْجَةَ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ كُلِّ رَجُلَيْنِ تُنْقِصُ مِنَ الصَّلاَةِ»؛ حيث يدخل منها الشيطان، ويوسوس للمصلين، فإذا لحموا هذه الفرجة، لم يبق مجالٌ للشيطان أن يدخل بينهم، وفي الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «رَاصُّوا صُفُوفَكُمْ وَقَارِبُوا بَيْنَهَا، وَحَاذُوا بِالأَْعْنَاقِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرَى الشَّيَاطِينَ تَدْخُلُ مِنْ خَلَلِ الصَّفِّ كَأَنَّهَا الْحَذَفُ» ([2])، يعني: كأولاد الغنم، فهذا يبين أهمية تلاحم الصفوف في الصلاة، وأنهم يسلمون من دخول الشياطين بينهم ليوسوسوا لهم في صلاتهم.

وقوله: «فَاحْذَرُوا ذَلِكَ» يعني: احذروا من ترك فرجات في الصفوف؛ لأنها تنقص الصلاة، وتؤدي إلى تمكن الشيطان من تخلل الصفوف والوسوسة للمصلين.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (723).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (667)، والنسائي رقم (815)، وأحمد رقم (14017).