×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

وَالخَامِسُ: تَوَسُّطُ الإِْمَامِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي وَسَطِ الصَّفِّ.

****

الشرح

المشروع في الصفوف في الصلاة خمسة أشياء، وهي تنبني على أصلين:

الأول: اجتماع المصلين بدل تفرقهم، وكيفية اجتماعهم.

الثاني: العناية بالصفوف، وليس المقصود أنهم يصفون كيفما اتفقوا، وإنما يصفون على حسب ما جاءت به الأدلة.

فإذا حصل الأمران، حصل المقصود إجمالاً.

قوله: «لِتَجْتَمِعَ قُلُوبُهُمْ وَتَسْتَقِيمَ»، هذه الحكمة من العناية بالصفوف، وهذا أمر مقصود للشارع، فأعظم حكمة في صلاة الجماعة: اجتماع القلوب، وتعارف المسلمين وتراحمهم وتعاطفهم فيما بينهم، فلو أن كل واحد يصلي وحده في المسجد أو في بيته أو في أي مكان، ما حصل هذا المقصود الأعظم، ولم يعرف المسلمون بعضهم بعضًا، ولم يتفقد بعضهم بعضًا، وهذا ما يريده شياطين الإنس والجن الذين يقللون من شأن صلاة الجماعة، وربما يقولون: إنها غير واجبة؛ لأجل أن يفرقوا بين المسلمين.

فإذا لم يجتمع المسلمون على صلاتهم في اليوم والليلة خمس مرات، لم يتفقد بعضهم بعضًا، وحصل التفرق بين القلوب، فلا يعرف بعضهم بعضًا، ولا يرحم بعضهم بعضًا، ولا يعطف بعضهم على بعض، ولا يتعاون بعضهم مع بعض.

فهذه أعظم حكمة في هذه الصلاة العظيمة، ولذلك بنيت لها المساجد واعتُني بها، وأُمر ببناء المساجد؛ ليجتمع أهل كل حيٍّ في


الشرح