«لأَِنَّ الأَْفْضَلَ أَنْ يَنْظُرَ»، ويصوب نظره «إِلَى مَوْضِعِ
سُجُودِهِ»، هذا هو الأفضل، «وَقَالَ
أَبُو الْحَسَنِ الآْمِدِيُّ» - وهو من شيوخ الحنابلة، غير الآمدي الأصولي: «يُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْظُرَ فِي حَالِ
قِيَامِهِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ، وَفِي حَالِ رُكُوعِهِ إِلَى قَدَمَيْهِ،
وَفِي حَالِ سُجُودِهِ إِلَى أَنْفِهِ، وَفِي حَالِ جُلُوسِهِ إِلَى مَوْضِعِ
يَدَيْهِ»، هذا تفصيل لموضع نظره في الصلاة في حال القيام، وفي حال الركوع،
وفي حال السجود، وفي حال الجلوس.
وقوله: «وَخُشُوعُ الْبَصَرِ: ذُلُّهُ
وَاخْتِفَاضُهُ» بين يدي الله عز وجل هذا خشوع عبادة، بخلاف خشوع أبصار الكفار
يوم القيامة؛ كما في قول الله - تعالى: ﴿أَبۡصَٰرُهَا
خَٰشِعَةٞ﴾ [النازعات: 9]، وقوله
- تعالى: ﴿خَٰشِعَةً
أَبۡصَٰرُهُمۡ تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۖ﴾ [القلم: 43]؛ فهذا خشوع
تعذيب وإهانة - والعياذ بالله - وقوله
- تعالى: ﴿وُجُوهٞ يَوۡمَئِذٍ
خَٰشِعَةٌ ٢ عَامِلَةٞ نَّاصِبَةٞ ٣﴾ [الغاشية: 2، 3]، هذا في
يوم القيامة، إذا قامت الساعة، ورأوا الوعيد والعذاب، بادروا بالأعمال، لكن لا
ينفعهم شيء في ذلك الوقت، ولا يقبل منهم العبادة في ذلك الوقت، فالدنيا هي دار
العمل، أما الآخرة، فهي دار الجزاء والحساب.
وقوله: «جَاءَ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم: «كَانَ خَافِضَ الطَّرْفِ»» في كل الأحوال، لا سيما الصلاة، «وَنَظَرُهُ إِلَى الأَْرْضِ أَكْثَرُ مِنْ
نَظَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ»؛ تذللاً لله، وخضوعًا بين يديه وتواضعًا له،
وغضًّا للبصر عما حرم الله.
وقوله: «هَابَ الرَّحْمَنَ أَنْ يَشُدَّ بَصَرَهُ إِلَى شَيْءٍ»، كان الرجل منهم من هيبة الله جل وعلا لا ينظر إلى شيء يشغله عن الصلاة.