وأما في صلاة الليل، فالأمر واسع، فيأتي بما ورد عن النبي صلى الله عليه
وسلم من أنواع الاستفتاح، تارة هذا، وتارة هذا.
وقوله: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ» هذا تنزيه الله
عز وجل لأن التسبيح معناه التنزيه، يعني: أنزهك عما لا يليق بك، «وَبِحَمْدِكَ» أي: مستعينًا بحمدك، «وَتَبَارَكَ اسْمُكَ» البركة تنال باسم
الله: ﴿تَبَٰرَكَ ٱسۡمُ رَبِّكَ ذِي
ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ﴾ [الرحمن: 78]، فأسماء الله جل وعلا مباركة، «وَتَعَالَى جَدُّكَ» أي: جلت عظمتك،
والجد هنا المراد به العظمة، «وَلاَ
إِلَهَ غَيْرُكَ» أي: لا معبود بحق سواك، هذا معنى لا إله إلا الله.
وموضع الاستفتاح يكون بعد تكبيرة الإحرام لا قبلها، «فَبِأَيِّهَا» أي: بأي أنواع الاستفتاح الواردة عن النبي صلى الله
عليه وسلم «اسْتَفْتَحَ فَحَسَنٌ»؛
لأنه عمل بالسنة، ولكن يأتي بيان ما يكون في الفريضة.
وقوله: «لَكِنَّ عَامَّتَهَا إِنَّمَا كَانَ يَسْتَفْتِحُ
بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي صَلاَةِ اللَّيْلِ فِي النَّوَافِلِ»؛
لأن صلاة الليل يطول فيها، وأما الفريضة، فيأتي بالاستفتاح المختصر، الذي اختاره
المصنف على غيره من أنواع الاستفتاح الواردة لوجوه؛ منها: «أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم من وجوه»، فيكون
آكد؛ لكثرة روايته.
ثم أورد أربع روايات في دعاء الاستفتاح، وجاء في الرابعة قوله: «وَإِنْ لَمْ تَزِيدُوا عَلَى التَّكْبِيرِ
أَجْزَأَكُمْ»، فدل على أن هذا الاستفتاح ليس بواجب، فلو تركه المصلي وبدأ
بالفاتحة بعد تكبيرة الإحرام، جاز؛ لأنه إنما ترك سنة فقط.
وقوله: «وَهَذَا أَمْرٌ مِنْهُ، وَلَمْ يَجِئْ فِي
الاِسْتِفْتَاحِ الأَْمْرُ إِلاَّ فِي هَذَا»، لكنه أمر للاستحباب وليس
للوجوب.
الصفحة 3 / 279