وقوله: «فَكَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاَةَ بِـ ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الفاتحة: 2] »، ولم يذكر أنهم يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم، فدل
على أنها ليست من الفاتحة، «وَفِي لَفْظٍ:
«يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ»» وهذه أصرح، «وَفِي لَفْظٍ: «كَانُوا لاَ يَذْكُرُونَ ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ
ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ﴾» يعني: لا يذكرونها
جهرًا.
وقوله: «إِنَّكَ تَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ مَا
أَحْفَظُهُ، وَلاَ سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَكَ» هذه الرواية تخالف
ما سبق عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا
يبدؤون بالحمد لله رب العالمين، وهذا الجواب يدل على أنه كان في آخر حياته، وأنه
نسي ما حدَّث به أولاً بسبب الكِبَر.
وقوله: «وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ،
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: «إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ»»، ولا شك أن إسناده صحيح،
لكنه يخالف ما ثبت عن أنس بأسانيدَ صحيحةٍ، فلعله كان في آخر حياته بعدما نسي رضي
الله عنه.
وقوله: «فَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا «الْحَمْدُ لِلَّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ» بِالْجُمْلَةِ جَمِيعِهَا، فَلَيْسُ يُعْرَفُ فِي
اللِّسَانِ قَدِيمًا وَلاَ حَدِيثًا» إنما تُعرف عند العامة بالحمد، وليست تُعرف
بـ «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ».
وقوله: «فَلَعَلَّ أَنَسًا قَدْ نَسِيَ؛ لأَِنَّهُ كَانَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ...»؛ لأنه عمر طويلاً؛ فقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بكثرة الذرية وطول العمر، فاستجاب الله دعاءه، ورزق ذرية كثيرة، وطال عمره حتى أربى على مائة سنة، وهو من أواخر من مات من الصحابة رضي الله عنهم. «وَبِكُلِّ حَالٍ: مِثْلُ هَذَا لاَ يَصْلُحُ أَنْ يُعَارِضَ الرِّوَايَاتِ الْمُسْتَفِيضَةَ عَنْهُ» أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتتح الصلاة بـ ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾هو وأبو بكر وعمر، ولا يجهرون بالبسملة.
الصفحة 4 / 279