×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

 وَفِي رِوَايَةٍ لاِبْنِ شَاهِين: «فَإِنِّي صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ فَكَانُوا يَقْرَؤُونَ بِـ ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [الفَاتِحَة: 2]، وَهَذَا - مَعَ أَنَّهُ نَصٌّ فِي عَدَمِ الْجَهْرِ بِهَا - فِيهِ بَيَانٌ أَنَّ قَوْلَهُ: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [الفاتحة: 2] إِنَّمَا كَانُوا يَعْنُونَ بِهِ الآْيَةَ وَمَا بَعْدَهَا، وَلاَ يَعْنُونَ أَنَّهُ كَانَ يَبْتَدِئُ بِالْفَاتِحَةِ الْمُسَمَّاةِ بِـ«الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»، وَالَّذِي يُحَقِّقُ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ أَنَسًا، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ مُغَفَّلٍ، وَأُمَّ الْحُصَيْنِ، وَغَيْرَهُمْ مِمَّنْ أَطْلَقَ إِنَّمَا كَانَ يَرْوِي ذَلِكَ؛ لِمَوْضِعِ الشُّبْهَةِ وَاللَّبْسِ لَمَّا اخْتَلَفُوا فِي آخِرِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ كَانَ يَجْهَرُ بِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُخْفِيهَا؛ فَاحْتَاجَ النَّاسُ إِلَى اسْتِعْلاَمِ السُّنةِ وَالرُّجُوعِ إِلَى الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ.

فَأَمَّا أَنَّ الْفَاتِحَةَ تُقْرَأُ قَبْلَ غَيْرِهَا: فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَحَدٍ فِي ذَلِكَ شُبْهَةٌ، وَلاَ يَحْتَاجُ أَنْ يُرْوَى عَنْ فُلاَنٍ أَوْ فُلاَنٍ، أَوْ يُحْتَجُّ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ، حَتَّى لَوْ فَرَضْنَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ بِالسُّورَةِ، فَإِنَّ الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ مِنَ السُّورَةِ، عَلَى مَا سَنَذْكُرُ - إِنْ شَاءَ الله تعالى.

وَأَيْضًا حَدِيثُ: «قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ...»، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ، فَإِنَّهُ كَالنَّصِّ فِي أَنَّهُ لاَ يُجْهَرُ بِهَا.


الشرح