وقوله: «وَفِيهِ دَلاَلَةٌ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ»
يعني: هذا الحديث يدل على أن «بسم الله
الرحمن الرحيم» ليست من الفاتحة من أربعة وجوه:
قال: «أَحَدُهَا: أَنَّ أَبَا
هُرَيْرَةَ هُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ، وَقَدْ فَهِمَ أَنَّ أُمَّ الْكِتَابِ هِيَ: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الفَاتِحَة: 2]، إِلَى آخِرِهَا»، ولم يدخل معها ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ
ٱلرَّحِيمِ﴾، والراوي أدرى بما روى، «... وَهَذَا يُضَعِّفُ مَا رُوِيَ عَنْهُ بِخِلاَفِهِ»، فيكون الصحيح
عنه أنه يرى أنها ليست من الفاتحة.
قال: «الثَّانِي: أَنَّهَا لَوْ
كَانَتْ مِنْهَا أَوْ هِيَ وَاجِبَةٌ لَذَكَرَهَا فِي الْقِسْمَةِ، كَمَا ذَكَرَ
غَيْرَهَا»، لكنه لم يذكرها بالقسمة، فدل على أنها ليست من الفاتحة.
قال: «الثَّالِثُ: أَنَّ
الْقِسْمَةَ بِاعْتِبَارِ الآْيَاتِ؛ لأَِنَّهُ وَقَفَ عَلَى رَأْسِ كُلِّ آيَةٍ،
وَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْهَا، فَلَوْ كَانَتِ الْبَسْمَلَةُ فِيهَا؛ لَكَانَ
الَّذِي لِلَّهِ أَرْبَعَ آيَاتٍ وَنِصْفًا، وَالَّذِي لِلْعَبْدِ اثْنَتَيْنِ
وَنِصْفًا»، وهذا ليس بصحيح؛ لأن الله جل وعلا قسمها نصفين؛ كما ذكر في أول
الحديث، وهذه القسمة ليست نصفين.
قال: «الرَّابِعُ: أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ: فَهَؤُلاَءِ لِعَبْدِي، وَهَذِهِ صِيغَةُ جَمْعٍ، إِنَّمَا يُشَارُ بِهِ إِلَى ثَلاَثِ آيَاتٍ»، هذا واضح.
الصفحة 5 / 279