قال: «وَلأَِنَّ الْفَاتِحَةَ
اخْتُصَّتْ مِنْ بَيْنِ الْقُرْآنِ بِكَوْنِهَا أُمَّ الْقُرْآنِ، وَفَاتِحَةَ
الْكِتَابِ، وَالسَّبْعَ الْمَثَانِيَ، وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ»، فلا يجزئ
شيء من القرآن غير الفاتحة؛ لأن الفاتحة لها خاصية امتازت بها على القرآن، فهي أم
القرآن، وأم الشيء هو ما يرجع إليه الشيء، قال - تعالى: ﴿مِنۡهُ
ءَايَٰتٞ مُّحۡكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَٰبِهَٰتٞۖ﴾ [آل عمران: 7]،
فالمتشابهات ترد إلى المحكمات؛ لتفسرها، فدل على أن الفاتحة لها ميزة على القرآن؛
لأنها أمه ومرجعه ومرده.
وكذلك لم ينزل مثل هذه السورة في الكتب الإلهية، لا في التوراة التي أنزلت
على موسى، ولا في الإنجيل الذي أنزل على عيسى، ولا في الزبور الذي أنزل على داود،
ولا في القرآن الذي أنزل على محمد، فليس في القرآن مثل سورة الفاتحة، مما يدل على
تميزها على القرآن، فكيف يقال: إنه يكفي قراءة أي شيء من القرآن في الصلاة، وهو لم
يتصف بما تتصف به الفاتحة، وليس له فضيلة الفاتحة؟! فلا يجوز إلحاق غيرها من آيات
القرآن بها؛ لأنها متميزة على غيرها من الكتب الإلهية، حتى من القرآن.
ومع أن القرآن كله كلام الله بلا شك، إلا أن بعضه أفضل من بعض، فالفاتحة هي
أفضل سورة على الإطلاق، وآية الكرسي هي أفضل آية في القرآن، و ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ﴾ [الإخلاص: 1]،تعدل
ثلث القرآن.
قال: «وَلاَ شُبْهَةَ أَنَّ كَلاَمَ
اللهِ الَّذِي يَذْكُرُ بِهِ نَفْسَهُ، وَيَتَضَمَّنُ أَسْمَاءَهُ وَصِفَاتِهِ
أَفْضَلُ مِنْ كَلاَمِهِ الَّذِي يَذْكُرُ بِهِ مَخْلُوقَاتِهِ»، فالآيات التي
يذكر فيها ما يخص الرب جل وعلا من الأسماء والصفات والتسبيح والتنزيه أفضل من
الآيات التي فيها ذكر السموات والأرض وقصص الأولين، فتتفاضل