وقوله: «فَمَا صَحَّ فِي هَذَا الْمَعْنَى عَنِ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ عَنْ أَصْحَابِهِ فَمَعْنَاهُ - وَاللهُ
أَعْلَمُ: لاَ تَقْرَؤُوا فِي صَلاَةِ الْجَهْرِ إِلاَّ بِأُمِّ الْكِتَابِ فِي
حَالِ سَكَتَاتِ الإِْمَامِ، لاَ فِي حَالِ جَهْرِهِ» أي: يُحمل ما ورد عن
الرسول صلى الله عليه وسلم من أمر المأموم بقراءة الفاتحة خلف الإمام على أنه في
الصلاة السرية، لا في الصلاة الجهرية، وبهذا تجتمع الأحاديث، «وَذَلِكَ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ سَكْتَتَانِ
أَوْ ثَلاَثَ» كان له سكتتان: سكتة إذا كبر تكبيرة الإحرام، والسكتة الثانية
إذا فرغ من القراءة وأراد الركوع، فإنه يسكت قبل الركوع، حتى يرجع إليه نفسه،
والسكتة الثالثة مختلف فيها، وهي: أنه يسكت بعد الفاتحة، وقبل قراءة السورة، فهذه
لم تصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقوله: «تَتَّسِعُ لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِيهَا»
يعني: في هذه السكتات، وهذا في الصلاة الجهرية، فيوزع المأموم قراءة الفاتحة على
السكتات، أما في صلاة السرِّ، فإن المأموم يقرأ الفاتحة، ويقرأ سورة معها؛ لأن هذا
ليس محظورًا فيها، ولأن وقت السكتات واسع.
وقوله: «وَحَمَلَ بَعْضُهُمُ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ
الإِْمَامِ عَلَى الْحَالِ الَّذِي كَانُوا يَقْضُونَ مَا فَاتَهُمْ ثُمَّ
يُتَابِعُونَ الإِْمَامَ، ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ» يعني: كانوا في الأول إذا
جاؤوا أثناء الصلاة يقضون ما فاتهم، ثم يتابعون الإمام في البقية، ثم نسخ ذلك،
وأمروا أن يتابعوا الإمام، ويقضوا ما فاتهم بعد سلام الإمام، واستقر الأمر على
ذلك.
***
الصفحة 4 / 279