وَبَعْضُهُمْ
كَرِهَ ذَلِكَ لِمَنْ يَقْرَأُ خَلْفَ الإِْمَامِ، مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لاَ بُدَّ
مِنْ قِرَاءَتِهِ فِي صَلاَةِ السِّرِّ، وَمَنْ رَوَى عَنِ الصَّحَابَةِ فِي
ذَلِكَ مِنَ التَّرْكِ، فَبَعْضُهُمْ أَرَادَ بِهِ الاِجْتِزَاءَ بِقِرَاءَةِ
الإِْمَامِ دُونَ كَرَاهَةِ الْقِرَاءَةِ لِلْمَأْمُومِ.
وَقَدْ
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: «أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ
وَالتَّابِعِينَ يَرَوْنَ الْقِرَاءَةَ خَلْفَ الإِْمَامِ».
****
الشرح
قوله: «فَأَمَّا الْقِرَاءَةُ فِي حَالِ
إِسْرَارِ الإِْمَامِ: فَتُسْتَحَبُّ» قراءة الفاتحة للمأموم في حال إسرار
الإمام في الصلاة السرية وفي سكتات الإمام في الصلاة الجهرية، هذا مستحب عند
الجمهور، وليس واجبًا؛ «لأَِنَّهُ غَيْرُ
مَشْغُولٍ عَنْهَا بِاسْتِمَاعٍ»، فلا يسكت لزوال المعارض، «وَالسُّكُوتُ فِي الصَّلاَةِ غَيْرُ
مَشْرُوعٍ»، فلا بد أن يذكر الله، ويقرأ القرآن، ولا يسكت، إلا إذا كان الإمام
يجهر بالقراءة، فيستمع إليها.
وقوله: «فَقَرَأَ رَجُلٌ خَلْفَهُ بِسَبِّحِ اسْمَ
رَبِّكَ الأَْعْلَى» هذا في صلاة السر، قرأها هذا المأموم، «وَمَعَ هَذَا لَمْ يَنْهَهُ عَنِ
الْقِرَاءَةِ كَمَا نَهَى عَنِ الْقِرَاءَةِ مَعَهُ فِي حَالِ الْجَهْرِ»،
وإنما سأل، وقال: «أَيُّكُمْ قَرَأَ
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى؟»، ولم ينكر عليه، فدل على أن هذا جائز.
وقوله: «وَلَعَلَّ هَذَا الرَّجُلَ قَوَّى قِرَاءَتَهُ حَتَّى صَارَ يُنَازِعُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم »، فيكون الإنكار عليه من ناحية أنه رفع صوته بها، حتى نازع النبي صلى الله عليه وسلم، «وَإِلاَّ مُجَرَّدُ الْقِرَاءَةِ لَيْسَ فِيهَا مُنَازَعَةٌ» يعني: القراءة من غير تقوية الصوت ليس فيها منازعة، ولا محظور في حال السرية،