جَهْرِ
رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بَلْ جَهَرَا بِالاِسْتِفْتَاحِ، وَمَعَ هَذَا
لَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَمَا أَنْكَرَ عَلَى الَّذِينَ
كَانُوا يَقْرَؤُونَ فِي حَالِ جَهْرِهِ، بَلْ حَمِدَ هَذَا الأَْمْرَ، وَذَكَرَ
مَا فِيهِ مِنَ الْفَضْلِ وَالْبَرَكَةِ.
****
الشرح
قوله: «لأَِنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا»
يعني: الحنابلة «مَنْ يُوجِبُهُ»،
يوجب قراءة الفاتحة على المأموم، «وَقَدْ
أَوْمَأَ أَحْمَدُ إِلَى ذَلِكَ» في رواية، فالمسألة محتملة.
وقوله: «فَإِنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ
الْقِرَاءَةَ عَلَيْهِ» أي: على المأموم «لاَ
تَجِبُ، لَكِنْ يُكْرَهُ تَرْكُهَا» فلا يقرؤها على صفة تشوش على الإمام أو
المأمومين، وإنما يقرؤها في نفسه وبصوت خافت، وهذا من باب الاستحباب، لا من باب
الوجوب.
وقوله: «لأَِنَّ الْقِرَاءَةَ يَحْصُلُ مَقْصُودُهَا
بِالاِسْتِمَاعِ، بِخِلاَفِ الاِسْتِفْتَاحِ»؛ فقد نص العلماء على أنه يستفتح
فيما يجهر فيه إمامه، بينما اختلفوا في قراءته الفاتحة فيما يجهر فيه إمامه، فدل
على الفرق بين الاستفتاح وبين الفاتحة، «وَلأَِنَّ
الْقِرَاءَةَ يَتَعَدَّى حُكْمُهَا إِلَى الْمَأْمُومِ، فَيَضْمَنُهَا عَنْهُ
الإِْمَامُ وُجُوبًا وَاسْتِحْبَابًا، بِخِلاَفِ الاِسْتِفْتَاحِ»، فالإمام لا
يضمن الاستفتاح، ولا يتحمله عن المأموم، أما الفاتحة، فيتحملها الإمام عن المأموم،
وتكفيه قراءة إمامه، هذا الفرق بينهما.
وقوله: «وَأَمَّا الاِسْتِفْتَاحُ حَالَ جَهْرِ الإِْمَامِ فَهُوَ مِثْلُ الاِشْتِغَالِ عَنْهُ بِتَكْبِيرَةِ الإِْحْرَامِ»، فيأتي به المأموم، وإن كان إمامه يجهر؛ لأنه لا يضمنه الإمام، ولا يتحمله عنه، كما أن المأموم يأتي بتكبيرة الإحرام، وإن كان الإمام يجهر؛ لأنها ركن من أركان الصلاة، ولا يتحملها الإمام عنه.