وقوله: «وَمِثْلُ اشْتِغَالِ الدَّاخِلِ إِلَى
الْمَسْجِدِ وَالإِْمَامُ يَخْطُبُ عَنِ الاِسْتِمَاعِ بِرَكْعَتَيِ التَّحِيَّةِ»،
من دخل والإمام يخطب، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين خفيفتين، مع أن الإمام يخطب؛ لأن
النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل الذي دخل وهو يخطب، فجلس، فقال له: «قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» ([1]). فالإتيان بهاتين
الركعتين لا يتعارض مع الاستماع للخطبة، كما لا يتعارض الاستفتاح مع الاستماع
للإمام.
وقوله: «وَلَعَلَّ الاِسْتِفْتَاحَ لِلْمُصَلِّي
أَوْكَدُ مِنَ التَّحِيَّةِ لِلدَّاخِلِ»، فإذا كان الداخل والإمام يخطب لا
يجلس حتى يصلي ركعتين، فالاستفتاح أولى أن لا يتركه المأموم حال جهر الإمام
بالقراءة؛ لأن الاستفتاح للدخول للصلاة، وتحية المسجد حال الخطبة لأجل دخول
المسجد، وهذا أمر لا يتحمله الإمام عن المأموم.
وقوله: «وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي انْتَهَى
إِلَى الصَّفِّ وَقَدِ انْتَهَزَ، أَوْ حَفَزَهُ النَّفَسُ» إلى آخر الحديث،
فلم ينكر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم أنه زاد على تكبيرة الإحرام بهذه
الأذكار، بل بشره بأن هذه الأذكار لم يمنعها شيء حتى رفعتها الملائكة إلى الله عز
وجل فدل على أن الإتيان بهذا الذكر -وإن كان الإمام يصلي- لا يؤثر؛ لأنه من
الاستفتاح، وأن مثل هذا لا يعد مخالفة للإنصات للإمام.
وقوله: «وَمَعَ هَذَا لَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ صلى
الله عليه وسلم كَمَا أَنْكَرَ عَلَى الَّذِينَ كَانُوا يَقْرَؤُونَ فِي حَالِ
جَهْرِهِ»، فدل على الفرق بين الاستفتاح وقراءة المأموم للفاتحة؛ حيث أنكر
النبي صلى الله عليه وسلم على من يقرأ خلف إمامه، وأثنى على من يستفتح خلف إمامه.
***
([1]) أخرجه: البخاري رقم (931).
الصفحة 12 / 279