الأدلة، واستوفى البحث كعادته، فإنه لا يترك موضوعًا حتى يستوفي ما فيه،
وهذا أولاً: من سعة علمه، وثانيًا: من إنصافه رحمه الله.
وهذا الأثر الذي سأل فيه يزيد بن شريك عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن قراءة
الفاتحة خلف الإمام، «فَقَالَ: اقْرَأْ
بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، قُلْتُ: وَإِنْ كُنْتَ أَنْتَ؟» يعني: الإمام «قَالَ: وَإِنْ كُنْتُ أَنَا، قُلْتُ: وَإِنْ
جَهَرْتَ؟ قَالَ: وَإِنْ جَهَرْتُ»، استدلوا به على وجوب القراءة على المأموم
خلف الإمام، ولكن ليس فيه دلالة، إنما يُحمل على الاستحباب، ولا تعارض بينه وبين
الأدلة من القرآن والسنة التي تدل على وجوب الإنصات والاستماع لقراءة الإمام، ولكن
يقرأ بها في سكتات إمامه وفي الصلاة السرية؛ حيث لا محذور.
وقوله: «كُنَّا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي مَوْكِبِهِ، فَقَالَ: «لاَ تَجُوزُ صَلاَةٌ إِلاَّ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَبِشَيْءٍ مَعَهَا...»» هذا يفسر الرواية الأولى عن عمر رضي الله عنه أنه أمر السائل بقراءة الفاتحة خلف الإمام، والمراد أنه يقرأ بها في نفسه، بحيث لا يكون له صوت يشوش على الإمام، أو على من بجانبه.