×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

فَأَمَّا إِنْتَرَكَ الشَّدَّةَ بِالْكُلِّيَّةِ فَإِسْقَاطُ حَرْفٍ مُحَقَّقٍ بِلاَ رَيْبٍ، وَكَوْنُهُ لَيْسَ لَهُ صُورَةٌ فِي الْخَطِّ إِنَّمَا يَصِحُّ فِي بَعْضِ الْحُرُوفِ الْمُشَدَّدَةِ، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ مَا كَانَ حَرْفًا فِي النُّطْقِ دُونَ الْكِتَابَةِ، فَإِنَّ اعْتِبَارَ الْحَرْفِ فِيهِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ طَرْدًا وَلاَ عَكْسًا، فَإِنَّ أَلِفَاتِ الْوَصْلِ حُرُوفٌ مَكْتُوبَةٌ غَيْرُ مَنْطُوقَةٍ، وَالْمَدَّاتُ وَبَعْضُ الْهَمَزَاتِ مَنْطُوقٌ غَيْرُ مَكْتُوبٍ، وَقَدْ صَرَّحَ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ تَلْيِينَ التَّشْدِيدِ، بَلْ حَذْفَ الشَّدَّةِ بِالْكُلِّيَّةِ، ذَكَرَهُ الآْمِدِيُّ، وَقَالَ: «تَلْيِينُ التَّشْدِيدِ لاَ يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي صِحَّةِ الصَّلاَةِ مَعَهُ».

****

الشرح

قوله: «وَفِي الْفَاتِحَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ تَشْدِيدَةً»، هذا الشرط الثالث: أن يقرأها مشددة؛ لأن الحرف المشدد بمثابة حرفين، «فَإِنْ تَرَكَ تَشْدِيدَةً مِنْهَا لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُ»؛ لأنه ترك حرفًا من الفاتحة، فلو قال: «مالك يوم الدِين»، أو قال: «إيَاك»، لم يصح؛ لأنه ترك حرفًا، والتشديد حرفان، أدغم أحدهما في الآخر، فصار حرفًا واحدًا مشددًا «عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا» يعني: الحنابلة.

وقوله: «وَقَدْ يُكْتَبَانِ حَرْفًا وَاحِدًا؛ لأَِنَّ الْخَطَّ لَهُ طَرِيقَةٌ غَيْرُ طَرِيقَةِ اللَّفْظِ»؛ لأن الخط غير اللفظ؛ فقد يفصل المشدد في الخط، لكنه لا يفصل في اللفظ.

وقوله: «وَقَالَ الْقَاضِي فِي «الْجَامِعِ» وَأَبُو الْحَسَنِ الآْمِدِيُّ: «تَصِحُّ؛ لأَِنَّ الشَّدَّةَ صِفَةٌ فِي الْحَرْفِ»، وهذا خلاف قول الأكثر من الحنابلة.

وقوله: «ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ مَا كَانَ حَرْفًا فِي النُّطْقِ دُونَ الْكِتَابَةِ» فالكتابة ليس لها تأثير، إنما التأثير في النطق، وإذا فك التشديد؛ فقد ترك حرفًا في اللفظ، لم يلفظ به، ومعناه أنه لم يقرأ الفاتحة كاملة.

***


الشرح