×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

وقوله: «وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمُعَاذٍ لَمَّا طَوَّلَ فِي الْعِشَاءِ: «أَفَاتِنٌ أَنْتَ؟»» معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم يذهب ويصلي بقومه، فكانت صلاته مع الرسول صلى الله عليه وسلم هي الفرض، وصلاته بقومه له نافلة ولهم فريضة، إلا أنه في مرة أطال الصلاة، فقرأ بالبقرة، فأتى رجل وترك ناضحيه، وأقبل يصلي معه، فلما أطال معاذ رضي الله عنه، خاف الرجل على ناضحيه أن تضيعا أو تذهبا، فنوى الانفراد، وأكمل صلاته لنفسه وسلَّم، فبلغ ذلك معاذًا رضي الله عنه، فقال: إنه منافق، فبلغ ذلك الرجل أن معاذًا رضي الله عنه نال منه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فشكا إليه معاذًا رضي الله عنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَفَاتِنٌ أَنْتَ؟ فَلَوْلاَ صَلَّيْتَ بِـ ﴿سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى [الأعلى: 1] ﴿وَٱلشَّمۡسِ وَضُحَىٰهَا [الشمس: 1] ﴿وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰ [الليل: 1] » وفي رواية: «إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ أَمَّ النَّاسَ، فَلْيُوجِزْ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِ الْكَبِيرَ، وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ»([1]).

فوضع صلى الله عليه وسلم خطة للأئمة: إذا صلى أحدهم بالناس، فليخفف، وإذا صلى لنفسه، فليطول ما شاء.

وهذا الحديث يدل على أن الإنسان يقدم اتباع السنة على محبته للناس، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم تمنعه محبته لمعاذ رضي الله عنه أن ينكر عليه هذا الفعل؛ لأجل أن يبين السنة للناس ويعلمهم، فإذا خالف الإنسان السنة، فإنه ينكر عليه، ولو كان من أفاضل الناس.

وقوله: «كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي مُوسَى» كان أميرًا لعمر رضي الله عنه على الكوفة «أَنِ اقْرَأْ بِالنَّاسِ فِي الْفَجْرِ بِطِوَالِ الْمُفَصَّلِ».


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (702)، ومسلم رقم (466).