×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

 وَرَوَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ أَحْيَانًا بِالسُّورَتَيْنِ وَالثَّلاَثِ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ فِي صَلاَةِ الْفَرِيضَةِ»، فَأَمَّا تِكْرَارُ الآْيَةِ الْوَاحِدَةِ، أَوِ السُّورَةِ الْوَاحِدَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، فَلاَ يُكْرَهُ فِي الْفَرْضِ وَلاَ النَّفْلِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ: «أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي الصُّبْحِ: ﴿إِذَا زُلۡزِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ [الزلزلة: 1] فِي الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا»، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَامَ لَيْلَةً بِآيَةٍ يَرْكَعُ بِهَا، وَيَسْجُدُ حَتَّى أَصْبَحَ، وَهِيَ: ﴿إِن تُعَذِّبۡهُمۡ فَإِنَّهُمۡ عِبَادُكَۖ وَإِن تَغۡفِرۡ لَهُمۡ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ [الْمَائِدَة: 118] »، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

****

الشرح

قوله: «وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَ سُورَتَيْنِ وَأَكْثَرَ فِي رَكْعَةٍ فِي النَّافِلَةِ»، كما حصل منه صلى الله عليه وسلم في قيام الليل؛ فقد ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «إِنِّي لَأَعْرِفُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرِنُ بَيْنَهُنَّ، سُورَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ»، فدل على جواز القراءة بأكثر من سورة في الركعة الواحدة.

كما ثبت في الصحيح من حديث حذيفة رضي الله عنه أنه قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء، فقرأها، ثم افتتح آل عمران، فقرأها» ([1])، كل ذلك في ركعة واحدة، وهذا في النافلة، وما جاز في النافلة يجوز في الفريضة، إلا بدليل يدل على التفريق.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (772).