×
تَعْلِيقَات عَلَى كِتَابِ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ مِنْ شَرْحِ اَلْعُمْدَةِ

وقوله: «وَهَلْ يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي الْفَرْضِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ»، منهم من يقول: ما جاز في النفل لا يجوز في الفرض؛ لأنه لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قرن بين السور في الفرض، إنما ورد في النفل، والنفل أمره واسع ليس مثل الفرض.

واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم: «لِكُلِّ سُورَةٍ حَظُّهَا مِنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ»، ومعنى هذا أنه لا يضيف إليها سورة أخرى.

قال: «وَالثَّانِيَةُ» أي: الرواية الثانية عن أحمد «لاَ تُكْرَهُ»، فلا يكره الجمع بين سورتين أو أكثر في ركعة واحدة، سواء في الفريضة أو النافلة، «وَهِيَ أَشْهَرُ وَأَصَحُّ» عن الإمام أحمد في مذهبه.

واستدلوا بحديث أنس رضي الله عنه عن الرجل الذي كان يؤم أصحابه في مسجد قباء، وكان يقرأ بسورة الإخلاص، ثم يضيف إليها سورة أخرى في ركعة واحدة، ويكرر سورة الإخلاص في كل ركعة، فاستغرب الصحابة هذا منه، فلما زار النبي صلى الله عليه وسلم مسجد قباء، واجتمعوا عليه، أخبروه بفعل هذا الرجل، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إني أحبها» وفي رواية: «لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها» ([1]) «فَقَالَ: «حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ»»، فأقره على ذلك، مع أنه كرر السورة في ركعتين، وأضاف إليها سورة أخرى، فدل على الجواز، وكان ذلك في الفريضة، في صلاة الفجر.

وقوله: «رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا مَجْزُومًا بِهِ» المعلَّق: ما يُروى بدون إسناد، وهو على نوعين: مجزوم به، وغير مجزوم به، وما جزم به البخاري من المعلقات أصح مما لم يجزم به.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (7375)، ومسلم رقم (813).