وَالأَْفْضَلُ: أَنْ
يَقْرَأَ مِنَ الْبَقَرَةِ إِلَى أَسْفَلَ.
وَهَلْ
يُكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ السُّورَةَ عَلَى خِلاَفِ تَرْتِيبِ مُصْحَفِ عُثْمَانَ؛
مِثْلَ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الأُْولَى سُورَةَ النَّاسِ وَفِي الثَّانِيَةِ
بِالْفَلَقِ؟
عَلَى
رِوَايَتَيْنِ:
إِحْدَاهُمَا:
يُكْرَهُ؛ لأَِنَّهُ تَنْكِيسٌ لِلْقُرْآنِ؛ فَأَشْبَهَ تَنْكِيسَ آيَاتِ
السُّورَةِ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ كِتَابَتُهُ وَتِلاَوَتُهُ فِي الصَّلاَةِ
وَغَيْرِهَا، مِنْ غَيْرِ خِلاَفٍ فِي الْمَذْهَبِ، وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ
رضي الله عنه عَمَّنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَنْكُوسًا؟ فَقَالَ: «ذَاكَ الْقَلْبُ،
وَلأَِنَّهُ لَوْ نَكَسَهُ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ خَارِجَ الصَّلاَةِ...».
وَالرِّوَايَةُ الأُْخْرَى: لاَ تُكْرَهُ؛ وَهِيَ أَصَحُّ؛ لأَِنَّ الصَّبِيَّ يُعَلَّمُ عَلَى ذَلِكَ، وَلأَِنَّ ذَلِكَ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْقُرْآنِ، عَنِ الْوَجْهِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَالنَّظْمِ وَالتَّأْلِيفِ الَّذِي لَهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَرَأَ سُورَةً، وَقَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَهَا سُورَةً لاَ تَلِيهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ بِالْبَقَرَةِ، وَالنِّسَاءِ، وَآلِ عِمْرَانَ، وَحَدِيثُ الَّذِي كَانَ يَفْتَتِحُ بِـ ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1] وَيَقْرَأُ بَعْدَهَا سُورَةً أُخْرَى، فَإِذَا لَمْ يُكْرَهِ التَّنْكِيسُ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَفِي رَكْعَتَيْنِ أَوْلَى، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ صَلَّى الْمَغْرِبَ فَقَرَأَ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ: , وَفِي الثَّانِيَةِ: ﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾ [الكافرون: 1] وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: «قَرَأَ الأَْحْنَفُ بِالْكَهْفِ فِي الأُْولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ بِيُونُسَ أَوْ يُوسُفَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عُمَرَ الصُّبْحَ بِهَا».
الصفحة 5 / 279