ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها
حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بين الزبير وسعيد بن العاص وعبد
الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة:
إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل
بلسانهم. ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رَدَّ عثمان الصحف إلى حفصة،
وأرسل إلى كل أُفُق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف
أن يحرق» ([1]).
وجاء في رواية أنهم «اختلفوا
يومئذٍ في التابوت والتابوه، فقال القرشيون: التابوت، وقال زيد: التابوه، فرفع
اختلافهم إلى عثمان، فقال: اكتبوه التابوت، فإنه نزل بلسان قرىش» ([2]).
وهذا هو المصحف الذي بين أيدينا الآن، أجمع عليه الصحابة والمسلمون من
بعدهم، ورتبوا السور من الفاتحة إلى سورة الناس على هذا النمط وهذا الترتيب، فهو
من اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم.
وقوله: «فَإِنَّهُ يُكْرَهُ كِتَابَتُهُ وَتِلاَوَتُهُ فِي الصَّلاَةِ وَغَيْرِهَا، مِنْ غَيْرِ خِلاَفٍ فِي الْمَذْهَبِ» يكره أنه يكتب مصحف يخالف مصحف عثمان في ترتيب الآيات، وترتيب السور؛ لأن هذا مخالف لإجماع الصحابة على وضع المصحف العثماني، فلا يجوز أن يأتي من يقول: «أرتبه حسب النزول»؛ مثل ما حصل من بعضهم أنه فسَّر القرآن على حسب نزول الآيات، وهذا أمر شاذ عن الإجماع، ولا يجوز.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (87:4).