×
شرح العقيدة الواسطية

10- إثبات الوجه لله سبحانه:

وقوله: ﴿وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ [الرَّحمَن: 27] ﴿كُلُّ شَيۡءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجۡهَهُۥۚ [القصص: 88].

*****

 ولا يجوز تأويلُهما بمجيءِ إتيانِ أمرِه كما يفعلُه نفاة الصفات، فيقولون: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ أي: جاء أمرُه، وهذا من تحريف آيات الله.

قال الإمامُ ابنُ القَيِّم رحمه الله: «الإتيانُ والمجيءُ المضاف إليه سبحانه نوعان: مطلقٌ، ومقيد؛ فإذا كان المرادُ مجيءَ رحمتِه أو عذابِه -ونحو ذلك- قُيِّد بذلك، كما في الحديث: «حتى جاءَ اللهُ بالرحمة والخير»، وقوله: ﴿ وَلَقَدۡ جِئۡنَٰهُم بِكِتَٰبٖ فَصَّلۡنَٰهُ عَلَىٰ عِلۡمٍ [الأعراف: 52]. النوع الثاني: الإتيان والمجيء المطلق، فهذا لا يكون إلا مجيئه سبحانه كقوله: ﴿هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن يَأۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٖ مِّنَ ٱلۡغَمَامِ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ، وقوله: ﴿وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفّٗا صَفّٗا..

﴿وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ هذه الآية جاءت بعد قوله تَعالَى: ﴿كُلُّ مَنۡ عَلَيۡهَا فَانٖ [الرحمن: 26] يخبر تَعالَى أن جميعَ أهلِ الأرض سيذهبون ويموتون، ولا يبقى أحدٌ سوى وجهه الكريم، فإن الربَّ سبحانه لا يموت، بل هو الحيُّ الذي لا يموت أبدًا، ﴿ذُو ٱلۡجَلَٰلِ أي: العظمة والكبرياء، ﴿وَٱلۡإِكۡرَامِ أي: المكرم لأنبيائِه وعباده الصالحين، وقيل: المستحق أن يكرم عن كل شيء لا يليق به.

وقوله: ﴿كُلُّ شَيۡءٍ هَالِكٌ أي: كلُّ من في السماءِ ومن في الأرض سيذهبون ويموتون ﴿ إِلَّا وَجۡهَهُۥۚ منصوب على الاستثناء، وهذا إخبار بأنه الدائم الباقي الذي تموت الخلائق ولا يموت.


الشرح