أما
بعد: فهذا اعتقاد الفِرقة النَّاجيَة المنصورة إلى قيام السَّاعة:
*****
«أما بعد» هذه الكلمة يُؤتى بها للانتقال
من أسلوبٍ إلى أسلوب آخر، ومعناها: مهما يكن من شيء، ويُستحب الإتيان بها في
الخُطب والمكاتبات اقتداءً بالنَّبِي صلى الله عليه وسلم حيث كان يفعل ذلك.
«فهذا» إشارةٌ إلى ما
تضمنته هذه الرسالة واحتوت عليه من العقائد الإِيمَانية التي أجملها بقوله: «وهو
الإِيمَان بالله...» إلخ.
«اعتقاد» مصدر: اعتقد كذا
إذا اتخذه عقيدة، والعقيدة: هي ما يَعقِد عليه المرء قلبه، تقول: اعتقدتُ كذا، أي:
عَقدتُ عليه القلب والضمير، وأصله مأخوذ من عَقد الحبل إذا ربطه، ثم استعمل في
عقيدة القلب وتصميمه الجازم.
«الفِرقة» أي: الطَّائفَة
والجَماعَة «النَّاجيَة» أي: التي سلِمَت من الهلاك والشرور في الدنيا
والآخرَة، وحصَلتْ على السَّعادَة. وهذا الوصف مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ
تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ
خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ» ([1]).
«المنصورة» أي: المؤيَّدة على من خالفَها «إلى قيام السَّاعة» أي: مجيء ساعةِ موتِهم بمجيءِ الريح التي تقبضُ روحَ كلِّ مؤمن، فهذه هي السَّاعة في حقِّ المؤمنين، وأما السَّاعة التي يكونُ بها انتهاءُ الدنيا فهي لا تقومُ إلا على شرارِ النَّاس؛ لما في «صحيح مسلم»: «لاَ تَقُومُ
الصفحة 1 / 220