11-
إثبات اليدين لله تَعالَى في القرآن:
وقوله: ﴿ مَا مَنَعَكَ أَن تَسۡجُدَ لِمَا خَلَقۡتُ
بِيَدَيَّۖ ﴾ [ص:
75] وقوله: ﴿وَقَالَتِ
ٱلۡيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغۡلُولَةٌۚ غُلَّتۡ أَيۡدِيهِمۡ وَلُعِنُواْ بِمَا
قَالُواْۘ بَلۡ يَدَاهُ مَبۡسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيۡفَ يَشَآءُۚ﴾
[المائدة: 64].
*****
الشاهدُ من الآيتين: أن فيهما إثباتَ
الوجهِ لله سبحانه، وهو من صفاته الذاتية، فهو وجه على حقيقته يليق بجلاله ﴿لَيۡسَ
كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ ﴾ [الشورى: 11]، لا كما يزعم معطلة الصفات أن الوجه ليس
على حقيقته، وإنما المراد به الذات أو الثواب أو الجهة أو غير ذلك، وهذه
تأويلات باطلة من وجوه:
منها: أنه جاء عطفُ
الوجهِ على الذات، كما في الحديث: «أَعُوذُ بِاللهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ
الْكَرِيمِ» ([1]) والعطف يقتضي
المغايرة.
ومنها: أنه أضاف الوجهَ
إلى الذات فقال: ﴿وَجۡهُ
رَبِّكَ﴾، ووصف الوجه بقوله:
﴿ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ ﴾ فلو كان الوجه هو
الذات لكان لفظ الوجه في الآية صلة، ولقال: «ذي الجلال والإكرام»، فلما
قال: ﴿ذُو ٱلۡجَلَٰلِ﴾ تبيَّن أنه وصفٌ
للوجه لا للذات، وأن الوجهَ صفة للذات.
ومنها: أنه لا يُعرَف في
لغةِ أمةٍ من الأممِ أن وجهَ الشيءِ بمعنى ذاته أو الثواب، والوجهُ في اللغةِ
مستقبَل كل شيء؛ لأنه أولُّ ما يواجَه منه، وهو في كلِّ شيءٍ بحسْب ما يُضاف إليه.
﴿ مَا مَنَعَكَ أَن تَسۡجُدَ ﴾ الخطابُ لإبليسَ -لعنه الله- لما امتنع من السجود لآدم عليه السلام، أي: أيُّ شيء صَرَفَك وصدَّك عن السجود أي: ﴿لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ﴾ باشرت خلقه بيدي من غير واسطة، وفي هذا تشريف وتكريم لآدم.
الصفحة 1 / 220